فلما دنا منه: تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، فقال بعض القوم، كما ذكر لي، فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم انتفض انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا.
وذكر الواقدي عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر ابن قتادة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه. نحو ذلك.
قال الواقدي: وكان ابن عمر يقول: مات أبي بن خلف ببطن رابغ، فإني لأسير ببطن رابغ بعد هوى من الليل إذا أنا بنار تأججت، فهبتها وإذا برجل يخرج منها بسلسلة يجذبها يهيجه العطش، فإذا رجل يقول: لا تسقه، فإنه قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا أبي بن خلف.
وقد ثبت في الصحيحين كما تقدم، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله ".
ورواه البخاري، من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس: " اشتد غضب الله على من قتله رسول لله بيده في سبيل الله ".
* * * وقال البخاري: وقال أبو الوليد، عن شعبة، عن ابن المنكدر، سمعت جابرا قال: لما قتل أبى جعلت أبكى وأكشف الثوب عن وجهه، فجعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينهونني والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
" لا تبكه أو ما تبكيه، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع ".