فأهلك الله كسرى عند ذلك.
* * * وقال الإمام الشافعي: أنبأنا ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي (1) نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ".
أخرجه مسلم من حديث ابن عيينة وأخرجاه من حديث الزهري به.
قال الشافعي: ولما أتى كسرى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مزقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يمزق ملكه " وحفظنا أن قيصر أكرم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعه في مسك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثبت ملكه ".
قال الشافعي وغيره من العلماء: ولما كانت العرب تأتى الشام والعراق للتجارة فأسلم من أسلم منهم، شكوا خوفهم من ملكي العراق والشام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ".
قال: فباد ملك الأكاسرة بالكلية، وزال ملك قيصر عن الشام بالكلية، وإن ثبت لهم ملك في الجملة، ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم حين عظموا كتابه. والله أعلم.
قلت: وفى هذا بشارة عظيمة بأن ملك الروم لا يعود أبدا إلى أرض الشام.
وكانت العرب تسمى قيصر لمن ملك الشام مع الجزيرة من الروم، وكسرى لمن ملك الفرس، والنجاشي لمن ملك الحبشة، والمقوقس لمن ملك الإسكندرية، وفرعون