ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف، وكانوا حلفاء الأوس، نستشيره في أمرنا.
فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرق لهم وقالوا: يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد؟
قال: نعم. وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح.
قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أنى قد خنت الله ورسوله.
ثم انطلق أبو لبابة على وجهه، ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده، وقال: لا أبرح مكاني حتى يتوب الله على مما صنعت. وأعاهد الله ألا أطأ بني قريظة أبدا ولا أرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا.
قال ابن هشام: وأنزل الله، فيما قال سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن أبي قتادة: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون (1) ".
قال ابن هشام: أقام مرتبطا ست ليال، تأتيه امرأته في وقت كل صلاة فتحله حتى يتوضأ ويصلى، ثم يرتبط، حتى نزلت توبته في قوله تعالى: " وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم (1) ".
وقول موسى بن عقبة أنه مكث عشرين ليلة مرتبطا به. والله أعلم.
وذكر ابن إسحاق أن الله أنزل توبته على رسوله من آخر الليل وهو في بيت أم