قال أبو عمر: ولا خلاف أنها ماتت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل:
لم تلبث عنده إلا شهرين أو ثلاثة حتى توفيت رضي الله عنها.
وقال الواقدي: في شوال من هذه السنة تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة بنت أبي أمية.
* * * قلت: وكانت قبله عند زوجها أبى أولادها أبى سلمة بن عبد الأسد، وقد كان شهد أحدا كما تقدم، وجرح يوم أحد فداوى جرحه شهرا حتى برئ، ثم خرج في سرية فغنم منها نعما ومغنما جيدا، ثم أقام بعد ذلك سبعة عشر يوما ثم انتقض عليه جرحه فمات لثلاث بقين من جمادى الأولى من هذه السنة.
فلما حلت في شوال خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسها بنفسه الكريمة وبعث إليها عمر بن الخطاب في ذلك مرارا، فتذكر أنها امرأة غيري، أي شديدة الغيرة وأنها مصبية، أي لها صبيان يشغلونها عنه ويحتاجون إلى مؤنة تحتاج معها أن تعمل لهم في قوتهم، فقال: أما الصبية فإلى الله وإلى رسوله. أي نفقتهم ليس إليك، وأما الغيرة فأدعو الله فيذهبها.
فأذنت في ذلك وقالت لعمر آخر ما قالت له: قم فزوج النبي صلى الله عليه وسلم. تعنى قد رضيت وأذنت.
فتوهم بعض العلماء أنها تقول لابنها عمر بن أبي سلمة، وقد كان إذ ذاك صغيرا لا يلي مثله العقد، وقد جمعت في ذلك جزءا مفردا بينت فيه الصواب في ذلك. ولله الحمد والمنة.
وأن الذي ولى عقدها عليه ابنها سلمة بن أبي سلمة، وهو أكبر ولدها.
وساغ هذا لان أباه ابن عمها، فللا بن ولاية أمه إذا كان سببا لها من غير جهة البنوة بالاجماع، وكذا إذا كان معتقا أو حاكما.