ونبات، وأحياء وأموات، ليل داج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وضوء وظلام، وليل وأيام، وبر وآثام، إن في السماء خبرا، وإن في الأرض عبرا، يحار فيهن البصرا، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تغور، وبحار لا تغور، ومنايا دوان، ودهر خوان، كحد النسطاس، ووزن القسطاس، أقسم قس قسما، لا كاذبا فيه ولا آثما، لئن كان في هذا الامر رضى، ليكونن سخط.
ثم قال: أيها الناس إن لله دينا هو أحب إليه من دينكم هذا الذي أنتم عليه، وهذا زمانه وأوانه. ثم قال: ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا؟
أم تركوا فناموا.
والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلى بعض أصحابه فقال: أيكم يروى شعره لنا؟ فقال أبو بكر الصديق: فداك أبي وأمي أنا شاهد له في ذلك اليوم حيث يقول:
في الذاهبين الأولين * من القرون لنا بصائر لما رأيت مواردا * للموت ليس لها مصادر ورأيت قومي نحوها * يمضى الأصاغر والأكابر لا يرجع الماضي إلي * ولا من الباقين غابر أيقنت أنى لا محالة * حيث صار القوم صائر قال: فقام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخ من عبد القيس عظيم الهامة، طويل القامة، بعيد ما بين المنكبين فقال: فداك أبي وأمي، وأنا رأيت من قس عجبا.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الذي رأيت يا أخا بنى عبد القيس؟
فقال: خرجت في شيبتي أربع بعيرا لي ند عنى أقفو أثره في تنائف قفاف، ذات ضغابيس، وعرصات جثجاث بين صدور جذعان، وغمير حوذان، ومهمه ظلمان، ورصيع أيهقان، فبينا أنا في تلك الفلوات أجول بسبسبها، وأرنق فدفدها، إذا أنا بهضبة