قال: فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم وقرب مجلسه وقال له: يا جارود لقد تأخر الموعد (1) بك وبقومك.
فقال الجارود: فداك أبي وأمي، أما من تأخر عنك فقد فاته حظه وتلك أعظم حوبة وأغلظ عقوبة، وما كنت فيمن رآك أو سمع بك فعداك واتبع سواك وإني الآن على دين قد علمت به، قد جئتك وها أنا تاركه لدينك، أفذلك مما يمحص الذنوب والمآثم والحوب، ويرضى الرب عن المربوب؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا ضامن لك ذلك، وأخلص الآن لله بالوحدانية ودع عنك دين النصرانية.
فقال الجارود: فداك أبي وأمي مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك محمد عبده ورسوله.
قال: فأسلم وأسلم معه أناس من قومه.
فسر النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، وأظهر من إكرامهم ما سروا به وابتهجوا به.
ثم أقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الأيادي؟
فقال الجارود: فداك أبي وأمي كلنا نعرفه، وإني من بينهم لعالم بخبره واقف على أمره.
كان قس يا رسول الله سبطا من أسباط العرب، عمر ستمائة سنة تقفر منها خمسة