1) إما أن يكون ابن كثير - وهو الامام الحافظ المتقن - كان يعتمد على حفظه وروايته ولا ينقل عن النسخ المتداولة 2) وإما أنه كانت هناك نسخ أخرى تختلف عما وصل إلينا من هذه الكتب.
وعلى كل فإن مثل ابن كثير حجة في باب الحديث ولكنها على أي حال ظاهرة تستلفت النظر أن تكون روايات ابن كثير للأحاديث ونقوله عن الكتب مخالفة لما في أيدينا من هذه الكتب... وهي مخالفة لفظية يسيرة في بعض الأحيان.
6 - فإذا ما تفحصنا منهج ابن كثير في الروايات، رأيناه لا يبالي برواية كثير من الاخبار الواهية وخاصة في أخبار الجاهلية وهتاف الجان وقصصه.
وقد كان بإمكانه ألا يلتفت إلى هذه الأخبار التي لا تتمالك أمام النقد، لكنه كان يبرئ نفسه بأمرين:
1) ذكر السند في كل خبر يثبته، وبذلك يلقى التبعة على غيره.
ب) أنه كان يعلق على بعض هذه الأخبار بأنه (غريب جدا) أو (لم يخرجوه) ونحو ذلك مما يضعف جانب الخبر. لكننا مع ذلك نود أن لو أهمل ابن كثير هذه الأخبار التي ليس لها سند من العقل أو الحقيقة، والتي تزحم الأذهان وتشوش على الحقائق. وخاصة فيما يتصل بحياة الرسول الكريم صلوات الله عليه، فمثلا الحديث الذي يرويه عن البيهقي عن العباس أنه قال للرسول صلى الله عليه وسلم:
(رأيتك في المهد تناغي القمر وتشير إليه بإصبعك، فحيث أشرت إليه مال)! ثم يذكر موافقة الرسول على ذلك حديث لا يتفق مع العقل أو مع حقائق الوجود، ولا يغنينا بعد ذلك أن يقول ابن كثير: (تفرد به أحمد بن إبراهيم الحلبي وهو مجهول).
إن مثل هذا الحديث يفتح ثغرة أمام أعداء الاسلام ليهجموا على السيرة النبوية من