وكرهوا أن يقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدنة المشركين وكرهوا الثواء بين ظهري قومهم فنزلوا مع أبي بصير في منزل كريه إلى قريش فقطعوا به مادتهم من طريق الشام وأبو بصير يصلى لأصحابه فلما قدم عليه أبو جندل كان هو يؤمهم واجتمع إلى أبى جندل ناس من غفار وأسلم وجهينة وطوائف من الناس حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون لا يمر بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها. وذكر مرور أبى العاص بن الربيع بهم وقصته. قلت وقد تقدم أن أبا العاص أخذ في سرية زيد بن حارثة إلى العيص قال وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى جندل وأبى بصير أن يقدما عليه ومن معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وأبو بصير يموت فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده يقرأه فدفنه أبو جندل مكانه وجعل عند قبره مسجدا وقدم أبو جندل على رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ناس من أصحابه ورجع سائرهم إلى أهليهم. وقال أبو جندل فيما حكاه الزبير:
أبلغ قريشا عن أبي جندل * أنا بذى المروة فالساحل في معشر تخفف أيمانهم * بالبيض فيها والقنا الذابل يأبون أن نبقى لهم رفقة * من بعد إسلامهم الواصل أو يجعل الله لهم مخرجا * والحق لا يغلب بالباطل فيسلم المرء باسلامه * أو يقتل المرء ولم يأتل وأبو بصير سماه ابن إسحاق عتبة ومن الناس من يسميه عبيدا وهو ابن أسيد ابن جارية بن أسيد بن عبد الله بن سلمة بن عبد الله بن غبرة بن عوف بن قسى وهو ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن حليف بنى زهرة.