الأصل بدليل آية القتال وقد ورد التحديد بالعشر في حديث ابن إسحاق فحصلت الإباحة في هذا المقدار متحققة وبقيت الزيادة على الأصل. قلت ليس في مطلق الامر بالقتال ما يمنع من الصلح وإن كان المراد ما في سورة براءة من ذلك مما نزل بعد هذه الواقعة ففي التخصيص بذلك اختلاف بين العلماء. وأما تحديد هذه المدة بالعشر فأهل النقل مختلفون في ذلك فروينا عن ابن سعد كما روينا عن ابن إسحاق وروينا عن موسى بن عقبة قال وكان الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش سنتين يأمن بعضهم بعضا. وكذلك روينا عن ابن عائذ عن محمد بن شعيب عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس أن مدة الصلح كانت إلى سنتين والله أعلم. وأما كتابة الصلح فقرئ على عبد الرحيم ابن يوسف المزي وأنا أسمع أخبركم أبو علي حنبل بن عبد الله قال أنا ابن الحصين قال أنا أبو علي بن المذهب قال أنا القطيعي قال أنا عبد الله بن أحمد فثنا أبى فثنا محمد بن جعفر فثنا شعبة عن أبي إسحق قال سمعت البراء بن عازب يقول لما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية كتب علي رضي الله عنه كتابا بينهم قال فكتب محمد رسول الله فقال المشركون لا نكتب محمد رسول الله ولو كنت رسول الله لم نقاتلك قال فقال لعلى امحه قال فقال ما أنا بالذي أمحاه فمحاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الحديث. وقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب ذلك بيده وعد ذلك من وقف عنده معجزة له عليه السلام وما شهد به القرآن من أنه النبي الأمي الذي لا يحسن الكتابة مع ما كان يأتي به من أقاصيص الأولين وأخبار الأمم الماضين هو المعجزة العظمى لما تضمن من تكذيب من نسب ذلك إلى علم تلقاه من أساطير الأولين ممن قال اكتتبها فهي تملى عليه.
وهذا علم عظيم من أعلام نبوته وأصل كبير من دلائل صدقه في أنه عليه السلام