إنما يتلقى ذلك من الوحي. وسلامة هذا الأصل من شبهة قد تركت للملحد حجة في معارضته وإن بعدت أولى. وذكر الإمام أبو الوليد الباجي انه كتب فأنكر ذلك علماء الأندلس فبعث إلى الآفاق يستفتى بمصر والشام والعراق وغير ذلك فجلهم قال لم يكتب النبي صلى الله عليه وسلم بيده قط ورأوا ذلك محمولا على المجاز وأن معنى كتب أمر بالكتابة وقالت طائفة يسيرة منهم كتب. وجرت هذه المسألة يوما بحضرة شيخنا الامام أبى الفتح القشيري رحمه الله فلم يعبأ بقول من قال كتب وقال عن الباجي هو قول أحوجه إلى أن يستنجد بالعلماء من الآفاق.
وأبو جندل اسمه العاصي وهو أخو عبد الله بن سهيل شهد عبد الله بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان إسلامه قبل ذلك وأول مشاهد أبى جندل الفتح وإنما ذكرنا ذلك ليعرف (1) الفرق بينهما فقد ذكر أن بعض من ألف في الصحابة سمى أبا جندل عبد الله وليس كذلك. ورجع أبو جندل إلى مكة يوم الحديبية في جوار مكرزين حفص فيما حكى ابن عائذ. قال أبو القاسم السهيلي وذكر قول الله سبحانه (إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن): وهذا عند أهل العلم مخصوص بنساء أهل العهد والصلح وكان الامتحان أن تستحلف المرأة المهاجرة أنها ما هاجرت فاشزا ولا هاجرت إلا لله ولرسوله فإذا حلفت لم ترد ورد صداقها إلى بعلها وإن كانت من غير أهل العهد لم تستحلف ولم يرد صداقها. وعيبة مكفوفة أي صدور منطوية على ما فيها لا تبدى عداوة. والأغلال الخيانة. والاسلال السرقة.