فأول خبر ورد علي من ذلك حديث يحيى بن عبد الرحمن القرشي عن محمد (1) بن مصعب القرقسائي عن الأوزاعي عن ابن عفان عن أم الفضل بنت الحارث بن حزن (2) امرأة العباس بن عبد المطلب أنها قالت: رأيت في منامي رؤيا هالتني وأفزعتني، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله! رأيت كأن قطعة من جسدك (3) قد قطعت فوضعت في حجري، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: خيرا رأيت يا أم الفضل! إن صدقت رؤياك فإن فاطمة حامل وستلد غلاما فأدفعه إليك لترضعيه (4).
قالت أم الفضل: فوضعت فاطمة بعد ذلك غلاما فسمي بالحسين، ودفعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلي فكنت أرضعه قالت أم الفضل: فدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم والحسين في حجري فأخذه وجعل يلاعبه وهو مسرور به، قالت أم الفضل: فبال الحسين فقطر من بوله على ثوب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقرصته (5) فبكي، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: مهلا يا أم الفضل! فهذا الذي أصاب ثوبي يغسل، وقد أوجعت ابني. قالت (6): فتركته في حجره وقمت لآتيه بماء أغسل ثوبه، فلما جئت نظرت إليه وعيناه تذرفان بالدموع فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله! دفعته ليك وأنت به مسرور ثم رجعت إليكم وعيناك تذرفان بالدموع! فلماذا يا رسول الله؟ فقال: نعم يا أم الفضل! أتاني جبريل فأخبرني أن أمتي تقتل ولدي هذا بشط الفرات، وقد أتاني بتربة حمراء (7).
قال ابن عباس: لقد رأيت حين هبط جبريل عليه السلام في قبيل من الملائكة قد نشروا أجنحتهم يبكون حزنا منهم على الحسين، وجبريل معه قبضة من تربة الحسين تفوح مسكا أذفر، دفعها إلى فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا حبيبة الله! هذه تربة ولدك الحسين وستقتله اللعناء بأرض كرب وبلاء. قال: فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
حبيب جبريل! وهل تفلح أمة تقتل فرخي وفرخ ابنتي؟ فقال جبريل: لا، بل