النبي صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة وأعطاه منديلا مسموما وأمره بأن يوصله إلى زوجة الحسن جعدة بنت الأشعث بن قيس بما استطاع من الحيل لكي تجعل الحسن يستعمل ذلك المنديل المسموم بعد قضاء حاجته وأن يتعهد لها بمبلغ خمسين ألف درهم (1) ويزوجها من ابنه.
فذهب مروان تنفيذا لأمر معاوية واستفرغ جهده حتى خدع زوجة الحسن ونفذت المؤامرة وعلى إثر ذلك انتقل الحسن إلى دار السلام واغترت جعدة بمواعيد مروان وأقدمت على تلك الجريمة الشنعاء.
ويروي عن عمر بن إسحاق أنه قال: ذهبت مع بعض أصحاب لعيادة أمير المؤمنين الحسن فلما اقتربنا منه سلمنا عليه وجلسنا، سمعته يقول لرجل: اسألني حاجتك. فقال: ما لم تتماثل إلى العافية فلن أسأل. ثم سأله مرة أخرى وقال:
سلني حاجتك قبل أن لا أستطيع الجواب. فرد عليه بنفس الجواب، ثم قال الإمام الحسن: لقد سقيت السم عدة مرات (2) ولكنه هذه المرة كان مختلفا.
وفي اليوم الثاني عندما ذهبت لعيادته رأيت أمير المؤمنين حسينا جالسا على طرف الوسادة وهو يقول: يا أخي من سقاك السم؟ وبمن تظن؟ فأجابه إن أخبرك فسيقتلونك؟ فقال: نعم.
فقال ذلك السيد (الحسن) (3): إن يكن هذا السم سببا لموتي سيزداد نكاله وضلاله. وإن عشت فلا أرى جواز قتل شخص بريء.
ثم بعد ذلك اشتد المرض على الإمام العالي وأيقن بقرب حلول الأجل فأوصى للإمام الحسين بأمر الإمامة وقال له: ادفني إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. إن غلب على ظنك عدمه قيام فتنة تكون سببا لإراقة الدماء وإلا فادفني في بقيع الغرقد.
وبعد أن حلقت روحه المقدسة نحو رياض الجنة، وبعد إتمام الغسل والتكفين