يضربهم الله بالاختلاف، فتختلف قلوبهم وألسنتهم آخر الدهر.
قال شرحبيل بن أبي عون: إن الملك الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما كان ملك البحار وذلك أن ملكا من ملائكة الفراديس نزل إلى البحر الأعظم تم نشر أجنحته عليه وصاح صيحة وقال: يا أصحاب البحار! البسوا ثياب الحزن فإن فرخ محمد مذبوح مقتول ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا حبيب الله! يقتتل على هذه الأرض فرقتان من أمتك، إحداهما ظالمة معتدية فاسقة، يقتلون فرخك الحسين ابن ابنتك بأرض كرب وبلاء، وهذه تربته يا محمد! قال: ثم ناوله قبضة من أرض كربلاء وقال:
تكون هذه التربة عندك حتى ترى علامة ذلك، ثم حمل ذلك الملك من تربة الحسين في بعض أجنحته، فلم يبق ملك في سماء الدنيا إلا شم تلك التربة وصار فيها عنده أثر وخبر.
قال: ثم أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلك القبضة التي أتاه بها الملك فجعل يشمها وهو يبكي ويقول في بكائه: اللهم لا تبارك في قاتل ولدي وأصله نار جهنم! ثم دفع القبضة إلى أم سلمة وأخبرها بقتل الحسين بشاطىء الفرات وقال: يا أم سلمة!
خذي هذه التربة إليك فإنها إذا تغيرت واستحالت دما عبيطا سيقتل ولدي الحسين.
فلما أتي على الحسين من مولده سنة كاملة هبط على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثنا عشر ملكا، أحدهم على صورة الأسد، والثاني على صورة الثور، والثالث على صورة التنين، والرابع على صورة ولد آدم، والباقون الثمانية على صور شتى محمرة وجوههم، قد نشروا أجنحتهم وهم يقولون: يا محمد! إنه سينزل بولدك الحسين ابن فاطمة ما نزل بأبيك من قابيل، وسيعطي هابيل أخو قابيل، وسيحمل على قاتله مثل وزر قابيل. قال: ولم يبق في السماوات ملك إلا وقد نزل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كل يعزيه في الحسين ويخبره بثواب ما يعطي ويعرض عليه تربته، والنبي عليه السلام يقول:
اللهم اخذل من خذله، واقتل من قتله، ولا تمتعه بما طلبه.
قال المسور بن مخرمة: ولقد أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ملك من ملائكة الصفيح الأعلى لم ينزل إلى الأرض مذ خلقت الدنيا، وإنما استأذن ذلك الملك ربه ونزل شوقا منه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما نزل إلى الأرض أوحى الله عز وجل إليه: أيها الملك! أخبر محمدا بأن رجلا من أمته يقال له يزيد يقتل فرخه الطاهر ابن الطاهرة نظيرة البتول ابنة عمران. فقال الملك: إلهي وسيدي! لقد نزلت من السماء وأنا مسرور بنزولي إلى