فلما أراد الرحيل (1) قام في الناس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس! إنكم بايعتموني على أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت، والله لقد أصبحت وما أنا محتمل على أحد من هذه الأمة ضغنة في شرق ولا غرب ولما تكرهون في الجاهلية، والألفة والأمن وصلاح ذات البين خير مما تحبون من الفرقة والخوف والتباغض والعداوة - والسلام -.
قال: فلما سمع الناس هذا الكلام من الحسن كأنه وقع بقلوبهم أنه خالع نفسه من الخلافة ومسلم الأمر لمعاوية، فغضبوا لذلك، ثم بادروا إليه من كل ناحية، فقطعوا عليه الكلام، ونهبوا عامة أثقاله، وخرقوا ثيابه، وأخذوا مطرفا كان عليه، وأخذوا أيضا جارية كانت معه، وتفرقت عنه عامة أصحابه، فقال الحسن: لا حول ولا قوة إلا بالله.
قال: فدعا بفرسه فركب، وسار وهو مغموم لما قد نزل به من كلامه. وأقبل