كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٣
أخربته الأمة من دار الإسلام. قال: فدلني على السعي في ذلك! قال ابن عباس:
إن أول ما يجب عليك في ذلك أن تعلم من سعى في خراب هذه الدار فتعاديه، وتعلم من يريد عمارتها فتواليه. قال: صدقت يا بن عباس! والله ما أعرف أحدا في هذا الوقت يحب عمارة دار الإسلام غير ابن عمك علي بن أبي طالب لو لا أنه حكم عبد الله بن قيس في حق هوله! قال ابن عباس: ويحك يا عتاب إنا وجدنا الحكومة في كتاب الله عز وجل أنه قال تعالى: (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) (1) وقال تعالى: (يحكم به ذوا عدل منكم) (2).
قال: فصاحت الخوارج من كل ناحية وقالوا: فكأن عمرو بن العاص عندك من الدول؟ وأنت تعلم أنه كان في الجاهلية رأسا وفي الإسلام ذنبا، وهو الأبتر ابن الأبتر، ممن قاتل محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وفتن أمته من بعده. قال: فقال ابن عباس: يا هؤلاء!
إن عمرو بن العاص لم يكن حكما أفتحتجون به علينا؟ إنما كان حكما لمعاوية، وقد أراد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أن يبعثني أنا فأكون له حكما، فأبيتم عليه وقلتم: قد رضينا بأبي موسى الأشعري، وقد كان أبو موسى لعمري رضي في نفسه وصحبته وإسلامه وسابقته، غير أنه خدع فقال ما قال، وليس يلزمنا من خديعة عمرو بن العاص لأبي موسى، فاتقوا ربكم وارجعوا إلى ما كنتم عليه من طاعة أمير المؤمنين، فإنه وإن كان قاعدا عن طلب حقه فإنما ينتظر انقضاء المدة ثم يعود إلى معاربة القوم، وليس علي رضي الله عنه ممن يقعد عن حق جعله الله له.
قال: فصاحت الخوارج وقالوا: هيهات يا بن عباس! نحن لا نتولى عليا بعد هذا اليوم أبدا، فارجع إليه وقل له فليخرح إلينا بنفسه حتى نحتج عليه ونسمع كلامه ويسمع من كلامنا، فلعلنا إن سمعنا منه شيئا يعلق إما أن نرجع عما اجتمعنا عليه من حربه.
قال: فخرج عبد الله بن عباس إلى علي رضي الله عنه فخبره بذلك. قال:
فركب علي إلى القوم في مائة رجل من أصحابه حتى وافاهم بحروراء.

(1) سورة النساء الآية 34.
(2) سورة المائدة الآية 95.
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 197
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 201
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 205
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 207
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 210
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 216
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 217
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 218
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 229
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 231
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 237
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 240
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 242
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 244
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 246
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 248
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 251
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 252
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 255
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 256
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 257
22 ذكر خطبته الثالثة 260
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 262
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 263
25 ذكر ابتداء الحرب 271
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 280
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 283
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 284
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 285
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 286
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 290
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 292
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 296
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 298
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 302
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 305
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 306
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 308
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 314
40 ذكر موت زياد بن أبيه 316
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 317
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 318
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 322
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 329
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 334
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 336
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 344
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 347