ثم سار إلى جيشان (1) وبها يومئذ خلق من شيعة علي رضي الله عنه، فقتلهم عن آخرهم.
ثم سار يريد صنعاء وبها يومئذ عبيد الله بن عباس من قبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فلما بلغه خبر بسر دعا برجل يقال له عمرو بن أراكة (2) فاستخلفه على صنعاء وخرج عنها هاربا، وأقبل عدو الله حتى دخل صنعاء فأخذ عمرو بن أراكة فضرب عنقه صبرا، وجعل يتلقظ من كان بصنعاء من شيعة علي فيقتلهم حتى لم يبق منهم أحد.
وخرج من صنعاء يريد حضرموت فلما دخلها جعل يسأل عن كل من يعرف أحدا من موالاة علي فيقتله حتى قتل خلقا كثيرا. قال: ثم أقل إلى رجل من ملوكهم يقال له عبد الله بن ثوابة وهو في حصن له، فلم يزل يختدعه ويحلف له حتى استنزله من حصنه ثم أمر بقتله، فقال له ابن ثوابة: أيها الرجل! إني لا أعلم ذنبا لنفسي يوجب القتل فعلام قتلني؟ فقال له بسر: بقعودك عن بيعة معاوية وتفضيلك علي بن أبي طالب، فقال ابن ثوابة: فذرني حتى أصلي ركعتين أختم بهما عملي، فقال بسر: صل ما بدا لك فإني قاتلك. قال: فصلى عبد الله بن ثوابة ركعتين فعجل عن إتمامهما، وقطع بالسيف إربا إربا.
وبلغ ذلك علي بن أبي طالب (3) فاغتم لذلك غما شديدا، ثم إنه نادى الناس فجمعهم ثم خطبهم، فحمد الله وأثنى عليه وقال (4): أيها الناس! إن الله تبارك وتعالى لا يخفى عليه ما العباد عاملون في ليلهم ونهارهم، فاتقوا الله عباد الله في أمره ونهيه، وبعد فإني أخبركم أن بسر بن (أبي) أرطاة عدو الله قد توجه إلى أرض اليمن من قبل معاوية، وقد سلك طريق الحجاز في جمع عظيم من أهل الظلم والعدوان، وفعل كذا وكذا وأحرق وهدم، وما بسر برح الله بسرا فلقد باع الآخرة بالدنيا،