من دل والهة حرى مدلهة * على جبينين ضلا إذ غدا السلف (1) ها من أحس بابني اللذين هما * مخ العظام فمخي اليوم مزدهف (2) نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا * من إفكهم ومن القول الذي اقترفوا أنحى على ودجي ابني مرهفة (3) * من الشفار كذاك الإثم يقترف قال: ثم دخل عدو الله إلى مكة فطاف بالبيت وصلى ركعتين وقام فقال:
الحمد لله الذي جمع لنا أمرنا، وأعز دعوتنا، وكبت (4) عدونا بالقتل والتشريد، هذا علي بن أبي طالب بناحية من العراق في (5) قلة وذلة، قد سلبه اليوم جزيل عطائه (5) وأسلمه اليوم بجريرته، وهذا معاوية بن أبي سفيان ولي الأمر والطالب بدم الخليفة عثمان بن عفان، فبايعوه ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا. قال: فبايع الناس معاوية بالكره منهم، وهم في ذلك ناقمون على بسر بن [أبي] أرطاة لوقعته في علي بن أبي طالب.
قال: وأقام بسر بن [أبي] أرطاة بمكة أياما، ثم عاد ودعا بشيبة بن عثمان العبدري (6) واستخلفه على أهل مكة، وقال: يا أهل مكة! اعلموا أني قد صفحت عنكم بعد أن كان رأيي استئصالكم، فإياكم والخلاف! فو الله لئن خالفتم لأقتلن (7) الرجال منكم، ولأحوين الأموال، ولأخر بن الديار، ولأفنين الصغار والكبار.
قال: ثم سار يريد الطائف (8)، حتى إذا دنا منها خرج إليه المغيرة بن شعبة فاستقبله وكلمه في قومه، فقال: أيها الأمير! إنه لم يزل يبلغنا عنك منذ خرجت من الشام شدتك على عدو أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وكنت في ذلك محمودا عندنا، وإنك أيها الأمير متى كان عدوك ووليك عندك في منزلة واحدة تأثم في ربك