معاوية فخبروه الخبر. قال: وخرج جارية (1) بن قدامة من العراق يقتل الخيل قتلا وهو يرجو أن يدرك بسر بن (أبي) أرطاة، حتى إذا صار في بعض الطريق بلغه ما قد نزل ببسر فحمد الله على ذلك، ثم إنه سار حتى صار إلى مكة فدخلها مغضبا، فقال: يا أهل مكة! أخاف أن تكونوا من الذين (إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن) (2) قال: ثم أخذ بيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (3).
ثم سار من مكة إلى الطائف (4) فلم يرد أحدا من أهلها ولم يظلمه، لكنه أخذ البيعة وجددها لعلي كرم الله وجهه، فلم يزل كذلك حتى سكن الناس وأمنهم ووعدهم ومناهم، فلم يعاقب أحدا ولا قتل أحدا إلا قوما من اليهود قد كانوا أسلموا ثم ارتدوا عن الإسلام، فقتلهم وأحرقهم بالنار بعد القتل، فأنشأ الجون بن قتادة يقول:
تهود أقوام بصنعاء بعد ما * أقروا بآيات الكتاب وأسلموا فسرنا إليهم في الحديد يقودنا * أخو ثقة ماضي الخيار مصمم قتلناهم بالسيف صبرا وبعده * شببنا لهم نارا عليهم تضرم حفرنا لهم لما طغوا وتمردوا * أخاديد فيها للأراذل مجثم قال: ثم رجع جارية بن قدامة من اليمن إلى مكة، فأقام بها ثلاثة أيام حتى أخذ البيعة ثانية لعلي بن أبي طالب. ثم أقبل إلى المدينة، فلما دخلها استقبله الناس يدعون له، فقال: يا أهل يثرب! أما أنا أعلم أن فيكم الشامت بما فعله