يعتزل الصلاة بالناس، فأعتزلها أنا أيضا، ويختار الناس رجلا يصلي بهم، فإننا نكره ما قد علمت، والله يا أبا سعيد! ما (1) يدعوني إلى هذا الذي سمعته مني إلا التماس العافية. فقال له أبو سعيد: جزاك الله من رجل خيرا! فما رأيت (2) من أهل الشام رجلا أحسن منك نية ولا أفضل منك رأيا.
قال: ثم أقبل أبو سعيد إلى قثم بن العباس، فكلمه في أمر الصلاة، فقال قثم: قد فعلت ذلك. وتراضت الناس بشيبة بن عثمان العبدري، فصلى بأهل الموسم وأقام لهم الحج.
فلما قضى (3) الناس حجهم أقبل يزيد بن شجرة فقال: يا أهل الشام! اعلموا أن الله تبارك وتعالى قد رزقكم خيرا وصرف عنكم شرا، فأما الخير الذي رزقكم فطاعة إمامكم وحجكم وقضى نسككم، وأما الشر الذي صرفه عنكم فكف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم، فانصرفوا الآن مأجورين سامعين مطيعين.
قال: فصدرت أهل الشام عن مكة يريدون الشام، وأقبلت خيل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تقبل ميلا لمواقعة أهل الشام، فإذا قد لقيهم بعض الأعراب فأخبروهم بأن أهل الشام قد رحلوا عن مكة يريدون الشام، قال: فنزل معقل بن قيس الطريق إلى مكة وعارضهم في المسير، وأهل الشام قد نزلوا بواد يقال له وادي القرى (4).
فلما تقارب معقل بن قيس من وادي القرى قال: إن أهل الشام قد نزلوا على الماء بلا شك، فإذا رأيتموهم فشدوا عليهم، فإذا أنا قتلت فأميركم من بعدي أبو الطفيل عامر بن واثلة، فإن أصيب فالريان بن ضمرة، فإن أصيب فظبيان بن عمارة، فإن أصيب فأبو الرداح الشاكري.
قال: وسارت الخيل حتى وافوا وادي القرى، فإذا أهل الشام قد رحلوا، وقد بقي منهم عشرة نفر قد كانوا تخلفوا لحوائج لهم، فأخذهم أصحاب علي رضي الله