كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٤
عنه أسارى، وأخذوا أموالهم وأسلحتهم ودوابهم. قال: وبلغ ذلك أهل الشام فقالوا لأميرهم يزيد بن شجرة: أيها الأمير! ما ترى؟ أترجع إلى إخواننا فتستنقذهم من أيدي أهل العراق؟ فقال يزيد بن شجرة: لا أرى ذلك لكم رأيا، لأني لا أدري أتكون لنا أم علينا. قال: فكاعت أهل الشام عن أهل العراق.
فأقبل معقل بن قيس راجعا إلى الكوفة، فأخبر عليا بما كان من أمر القوم، فقال علي كرم الله وجهه لأصحابه: احبسوا هؤلاء الأسارى، فإن لنا في يد معاوية أسارى، فإذا أطلقهم أطلقنا نحن هؤلاء إن شاء الله.
قال: وسار يزيد بن شجرة إلى معاوية فأخبره بحاله وقصته، فقام إلى معاوية قوم من عشائر المحبسين بالكوفة، فقالوا: يا أمير المؤمنين! إن إخواننا لو كانوا ماتوا أو قتلوا لاحتسبناهم، ولكنهم أسارى بالعراق في حبس علي رضي الله عنه فما الحيلة في ذلك؟ فقال لهم معاوية: اسكتوا! فلستم بأحرص على تخليصهم مني ولا تعجلوا.
قال: ثم بعث أيضا معاوية برجل من أصحابه يقال له الحارث بن نمر (1) التنوخي في ألف رجل من حماة أهل الشام وأمره بالغارة على بلاد الجزيرة ممن هم في طاعة علي رضي الله عنه. قال: فأقبلت خيل أهل الشام حتى بلغت تخوم صفين ودارا (2)، فأغاروا على قوم من بني تغلب ممن كانوا في طاعة علي رضي الله عنه، فأسروا منهم ثمانية (3) نفر، وانصرفوا راجعين (4) إلى الشام، وقام رجل من أهل الجزيرة يقال له عتبة بن الوعل، فجمع قومه من بني تغلب، ثم صار إلى جسر منبج (5)، فعبر الفرات وأغار على أوائل الشام، فغنم غنائم كبيرة ورجع إلى بلاد الجزيرة، وأنشأ يقول:

(1) كذا بالأصل وابن الأثير 2 / 428 وفي الغارات للثقفي ص 346 نمير. وهو من فرسان أهل الشام.
والتنوخي نسبة إلى تنوخ، وتنوخ اسم لعدة قبائل اجتمعوا قديما بالبحرين وتحالفوا على التوازر والتناصر فأقاموا هناك فسموا تنوخا. والتنوخ: الإقامة.
(2) دارا: بلدة من بلاد الجزيرة. (3) في الكامل لابن الأثير: سبعة نفر.
(4) بالأصل: راجعون.
(5) منبج: بلد قديم. وهي مدينة واسعة كبيرة ذات خيرات كثيرة. بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ.
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 197
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 201
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 205
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 207
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 210
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 216
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 217
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 218
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 229
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 231
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 237
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 240
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 242
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 244
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 246
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 248
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 251
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 252
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 255
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 256
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 257
22 ذكر خطبته الثالثة 260
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 262
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 263
25 ذكر ابتداء الحرب 271
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 280
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 283
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 284
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 285
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 286
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 290
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 292
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 296
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 298
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 302
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 305
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 306
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 308
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 314
40 ذكر موت زياد بن أبيه 316
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 317
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 318
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 322
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 329
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 334
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 336
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 344
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 347