كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٢١
إصلاحهم وبقاءهم، وأكره حربهم وقتالهم، فاحفظ فيهم وصيتي وسر على بركة الله وعونه.
قال: فقال يزيد بن شجرة: اللهم! إنك تعلم أني لست أعظم مجاهدة من سعى على خليفتك عثمان بن عفان وهتك حرمته، ولا منابذة من بغى عليه، اللهم!
فإن كنت قضيت بين هذا الجيش وبين أهل حرمك حربا فاكفني ذلك.
قال: وسار يزيد بن شجرة يريد مكة، وبمكة يومئذ قثم بن العباس بن عبد المطلب من قبل علي بن أبي طالب، فقام في أهل مكة خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (1): أيها الناس! إنه قد أظلكم جيش من ظلمة أهل الشام الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، يريدون الإلحاد في حرم الله، فتسالمون أم تحاربون؟ قال: فسكت الناس ولم يجبه أحد منهم بشيء، فقال قثم بن العباس:
إنكم قد أعلمتموني بما في أنفسكم، فأنا خارج عنكم إلى بعض هذه الشعاب فأكون هنالك إلى أن يقضي الله بما يحب ويرضى. قال: فقال له شيبة بن عثمان العبدري (2) - من بني عبد الدار بن قصي: يا هذا! أنت الأمير ونحن الرعية سامعون لك مطيعون، فإن قاتلت قاتلنا معك، وإن كففت كففنا معك (3). قال: فقال قثم بن العباس: هيهات يا أهل مكة! المغرور من غررتموه، إن الجنود لا تهزم بالوعد، ولست أرى معك أحدا يدفع ولا يمنع، فأعتزل عنكم فأكون في بعض هذه الشعاب وأكتب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فإن جاءني من المدد ما أقوى به عليهم ناهضتهم، وإن تكن الأخرى لم أقاتل وصبرت لأمر الله عز وجل. فقال له أبو سعيد الخدري (4): أيها الأمير! إن للحرم حرمة عظيمة، والقوم إن قدموا لم يجعلوا بالقتال، فأقم ولا تبرح من مكة، فإذا وافوك ورأيت قوة عليهم فاعمل برأيك، وإن لم ترقوه تنحيت من بين أيديهم إلى بعض هذه الشعاب، فتكون قد أعذرت وقضيت ما عليك.

(1) انظر الكامل لابن الأثير 2 / 427 الغارات للثقفي ص 347. باختلاف النصوص.
(2) هو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري نسبة إلى بني عبد الدار الحجبي نسبة إلى حجابة بيت الله الحرام، وهم جماعة من بني عبد الدار لهم حجابة الكعبة ومفتاحها. وكان شيبة من مسلمة الفتح.
توفي سنة 59 (الإصابة - تهذيب التهذيب).
(3) انظر مقالته في الغارات للثقفي ص 347.
(4) انظر مقالة أبي سعيد الخدري لقثم في الكامل لابن الأثير 2 / 427 والغارات للثقفي ص 347.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 197
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 201
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 205
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 207
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 210
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 216
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 217
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 218
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 229
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 231
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 237
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 240
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 242
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 244
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 246
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 248
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 251
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 252
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 255
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 256
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 257
22 ذكر خطبته الثالثة 260
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 262
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 263
25 ذكر ابتداء الحرب 271
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 280
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 283
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 284
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 285
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 286
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 290
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 292
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 296
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 298
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 302
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 305
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 306
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 308
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 314
40 ذكر موت زياد بن أبيه 316
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 317
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 318
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 322
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 329
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 334
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 336
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 344
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 347