قال: فسار القوم راجعين يريدون الشام، وأتبعهم حجر بن عدي في خيل أهل الكوفة، فلحقهم في بلاد كلب (1)، فقاتلهم فقتل من أهل الكوفة أربعة نفر وقتل من أهل الشام سبعة نفر (2)، وانكشفوا منهزمين، فلم يتبعهم حجر لكنه رجع إلى علي بالكوفة فأخبره ذلك، ورجع الضحاك بن قيس إلى معاوية مغلولا مهزوما.
قال: ثم دعا معاوية أيضا برجل من سادات أهل الشام يقال له يزيد بن شجرة الرهاوي (3) فقال: يا يزيد! إني أريد أن أوجه بك إلى مكة لتقيم للناس الحج بها، وتبقي عاملي علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتأخذ لي هنا لك البيعة بالسمع والطاعة والبراءة من علي. فقال يزيد بن شجرة: أفعل يا أمير المؤمنين! قال: فقال له معاوية: إني قد رضيت هديك ورأيك ومذهبك (4)، ولست أوجهك للحرب، إنما أوجهك لتقيم للناس الحج، فاتق الله في الحرم، إن قدرت أن تخرج عامل علي رضي الله عنه من الحرم بلا قتال فلا تقاتل، فقال له يزيد بن شجرة: ما كنت لأحيف يا أمير المؤمنين بلدا (من دخله كان آمنا) (5).
قال: فضم إليه معاوية ثلاثة آلاف فارس من وجوه أهل الشام، ثم أوصاه أيضا فقال: يا يزيد! أوصيك واعلم بأنك تأتي مكة، ومكة حرم الله وأمنه، وأهل مكة قومي وعشيرتي، ومكة هي بيضتي التي تفلقت (6) عني، فاتق الله فيهم، فإني أحب