كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢١٩
كان، وحكم (1) الحكمان ما حكما، ورجع (1) أهل الشام إلى الشام وأهل العراق إلى العراق، واستقر علي بن أبي طالب بالكوفة. وجاء معاوية برجل يقال له الضحاك بن قيس الفهري، وهو صاحب شرطة معاوية، فضم إليه خيلا عظيمة من خيل أهل الشام، ووجه به نحو أهل العراق وأمره أن يأخذ على طريق السماوة (2) من بلاد بني كلب بن وبرة حتى ينقض على الكوفة وسوادها فيغير على ما قدر عليه (3).
قال: فأقبل الضحاك في خيل أهل الشام حتى نزل الثعلبية (4)، ثم صار منها إلى القطقطانة (5)، وبلغ ذلك عليا رضي الله عنه، فدعا برجل من أصحابه يقال له حجر بن عدي الكندي، فضم إليه ألف فارس (6) وأمره بالمسير إلى الضحاك (بن قيس). فسار حجر بن عدي يريد الضحاك، والضحاك في وقته ذلك قد أغار على البلاد وقتل رجلا من خيار أصحاب علي (رضي الله عنه) يقال له عمرو بن مسعود العلائي (7) وقد كان مقيما بالثعلبية (8)، فقتله الضحاك بن قيس، فلما بلغه أن حجر بن عدي - قد توجه إلى ما قبله أقبل على أصحابه، فقال: إنكم قد قتلتم رئيسا وقد نزلتم قريبا من بلادهم وديارهم، فارتحلوا عنهم، فإن تبعوكم وأصبتم منه عشرة فذاك الذي تريدون، وإن تكن الأخرى ولم يتبعوكم رجعتم إلى بلادكم سالمين.

(١) بالأصل: " وحكموا الحكمين ما حكموا، ورجعوا " تحريف.
(٢) السماوة: سميت بالسماوة لأنها أرض مستوية لا حجر بها. وهي التي بين الكوفة والشام.
(٣) وكان معاوية قد بلغه أن عليا تحمل إليه مقبلا فهاله أمره فخرج من دمشق معسكرا وبعث إلى كور الشام يستنفرهم ويأمرهم بالتجهز للحرب ثم جاءتهم عيونهم بأن عليا اختلف عليه أصحابه وأنه قد رجع عنكم إلى فئة أنكرت عليه أمر الحكومة. ثم جاءت معاوية أخبار أن عليا قد خرج عليه القراء والنساك فخرج إليهم يقاتلهم فعند ذلك دعا معاوية الضحاك وقال له: سر حتى تمر بناحية الكوفة وترتفع عنها ما استطعت، فمن وجدته من الأعراب في طاعة علي فأغر عليه وإن وجدت له مسلحة أو خيلا فأغر عليهما، وإذا أصبحت في بلدة فأمس في أخرى ولا تقيمن لخيل بلغك أنك قد سرحت إليها لتلقاها فتقاتلها، فسرحه فيما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف جريدة خيل (الغارات لابن هلال الثقفي ص ٢٩٠ وما بعدها - شرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ٣٥٣).
(٤) الثعلبية: من منازل طريق مكة من الكوفة، قد كانت قرية فخربت (مراصد الاطلاع).
(٥) القطقطانة بالضم ثم السكون: موضع قرب الكوفة من جهة البرية بالطف.
(٦) في الغارات للثقفي ص ٢٩٣: أربعة آلاف.
(٧) في تاريخ اليعقوبي ٢ / 195: " ابن عميش " وفي الغارات للثقفي ص 292: عمرو بن عميس بن مسعود الذهلي وهو ابن أخ عبد الله بن مسعود.
(8) في الغارات للثقفي: قتله في طريق الحاج عند القطقطانة. (انظر الطبري 6 / 78).
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 197
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 201
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 205
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 207
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 210
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 216
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 217
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 218
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 229
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 231
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 237
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 240
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 242
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 244
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 246
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 248
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 251
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 252
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 255
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 256
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 257
22 ذكر خطبته الثالثة 260
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 262
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 263
25 ذكر ابتداء الحرب 271
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 280
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 283
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 284
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 285
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 286
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 290
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 292
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 296
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 298
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 302
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 305
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 306
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 308
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 314
40 ذكر موت زياد بن أبيه 316
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 317
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 318
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 322
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 329
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 334
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 336
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 344
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 347