كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٩
المسير (1) فإن له ما بعد، واعلم بأنك إن ضيعت العراق فلا عراق، فاتق الله فإنه يجتمع لك أمر الدنيا والآخرة، وانظر إذا لقيت عمرو بن العاص فلا تبدئه بالسلام حتى يكون هو الذي يبدؤك، وإن سألك أن تقعد معه على فراشه فلا تفعل فإن ذلك خديعة منه لك، وانظر لا يدخلك إلى بيت له مخدع ويكون قد عبى لك فيه رجالا يسمعون كلامك ويشهدون عليك وأنت لا تعلم، وإن لم يستقم لك عمرو على ما تريد فخيره من شاء غيرك يكلمه ولا تكلمه أنت. فقال أبو موسى: إني قد سمعت كلامك وعرفت نصيحتك فارجع راشدا يرحمك الله!
فرجع الأحنف إلى علي رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين! لقد بعثت رجلا ما ينكر (2)، فقال علي: إن الله بالغ أمره.
قال: وكتب النجاشي (3) شاعر علي رضي الله عنه إلى أبي موسى بهذه الأبيات:
أبا موسى جزاك الله خيرا * عراقك إن حظك بالعراق (4) وإن الشام قد نصبوا إماما * من الأحزاب معروف النفاق وإنا لا نزال لهم عدوا * أبا موسى إلى يوم التلاق فلا تجعل معاوية بن صخر (5) * إماما ما مشت قدم بساق ولا يخدعك عمرو إن عمرا * أبا موسى لداهية الرفاق (6) وكن منه على حذر وانهج * سبيلك (7) لا تزل بك المراقي ستلقاه أبا موسى مليا * بمر القول مسترخي الخناق ولا تحكم بأن سوى علي * إماما إن هذا الشر باق

(١) في الإمامة والسياسة ١ / ١٥٤ ووقعة صفين: اعرف خطب هذا الأمر.
(٢) عبارة كتاب الصفين ص ٥٣٧: يا أمير المؤمنين، أخرج والله أبو موسى زبدة سقائه في أول مخضه، لا أرانا إلا بعثنا رجلا لا ينكر خلعك.
(٣) في وقعة صفين ص ٥٣٧: الشني. وذكر الأبيات.
(٤) وقعة صفين: في العراق.
(٥) وقعة صفين: حرب.
(٦) وقعة صفين: أبا موسى تحاماه الرواقي.
(٧) وقعة صفين: طريقك.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست