معناه: يأمرها أن تدعو له مثل دعائها أي تعيد الدعاء له، ويرد عليك مثل الذي صليت فهو عليها أي عليك مثل صلاتك، أي أسألك من الخير مثل الذي أردت لي ودعوت به لي.
الوجه الرابع عشر: أنه يستحب لكل أحد أن يسأل الله - تعالى - أن يرحمه ولا يسوغ لأحد أن يقول: اللهم صل على، بل الداعي بهذا معتد في دعائه، والله لا يحب المعتدين، خلاف سؤاله الرحمة فإن الله - تعالى - يحب أن يسأله عبده مغفرته ورحمته، فعلم أنه ليس معناها واحد.
الوجه الخامس عشر: أن أكثر المواضع التي تستعمل فيها الرحمة لا يحسن أن تقع فيها الصلاة، كقوله تعالى: ﴿ورحمتي وسعت كل شئ﴾ (١) وقوله: إن رحمتي سبقت غضبي، وقوله تعالى: ﴿إن رحمة الله قريب من المحسنين﴾ (٢) ﴿وكان بالمؤمنين رحيما﴾ (٣)، وقوله تعالى: ﴿إنه بهم رؤوف رحيم﴾ (٤)، وقوله صلى الله عليه وسلم: الله أرحم بالعباد من الوالدة بولدها، وقوله صلى الله عليه وسلم: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وقوله: من لا يرحم لا يرحم وقوله صلى الله عليه وسلم: لا تنزع الرحمة إلا من شقي، وقوله صلى الله عليه وسلم: الشاة إن رحمتها رحمك الله، فمواضع استعمال الرحمة في حق الله - تعالى - وفي حق العباد لا يحسن أن تقع الصلاة في كثير منها، بل في أكثرها فلا يصح تفسير الصلاة بالرحمة، فإن قيل: قد قال ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهما:
﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي﴾ (5) قال: يباركون عليه. قيل: هذا لا ينافي تفسيرها بالثناء. وإرادة التبريك والتعظيم، فإن التبريك من الله يتضمن ذلك، ولهذا فرق بين الصلاة عليه والتبريك عليه، وقالت الملائكة لإبراهيم