قال: فتواعدنا فجئنا إليه لنأخذه فسمعنا صوتا ما ظننا أنه بقي جبل بتهامة إلا تفتت.
قال: فغشي علينا فما عقلنا حتى قضى صلاته ورجع إلى أهله، ثم تواعدنا له ليلة أخرى، فلما جاء نهضنا إليه فجاء الصفا والمروة حتى التقتا [إحداهما] بالأخرى فحالتا بيننا وبينه، فوالله ما نفعنا ذلك حتى رزقنا الله الإسلام وأذن لنا فيه.
ومن حديث محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عبد الملك بن أبي سفيان الثقفي - وكان راعية - قال: قدم رجل من إراش (1) بإبل له مكة، فابتاعها أبو جهل بن هشام فمطله بأثمانها، وأقبل الإراشي حتى وقف على ناد من قريش - ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد - فقال: يا معشر قريش؟ من رجل يعينني على أبي الحكم بن هشام، فإني رجل غريب ابن سبيل، وقد غلبني على حقي، قال: فقال أهل المجلس: ترى ذلك الرجل؟ - لرسول الله وهم يهزءون به لما يعلمون بينه وبين أبي جهل من العداوة - اذهب إليه فهو يعينك عليه.
فأقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبد الله، إن أبا الحكم بن هشام قد غلبني على حق لي قبله، وأنا غريب ابن سبيل، وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يعينني عليه يأخذ لي حقي منه، فأشاروا لي إليك، فخذ لي حقي منه رحمك الله.
قال: انطلق إليه، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن كان معهم: اتبعه وانظر ماذا يصنع.
قال: وخرج رسول الله حتى جاءه فضرب عليه بابه فقال: من هذا؟ قال:
محمد، فاخرج إلي، فخرج إليه وما في وجهه رائحة كذا قد انتقع لونه، فقال