إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٤ - الصفحة ١٣٣
ومن حديث محمد فضيل عن عطاء ابن السائب عن سعيد جبير عن ابن عباس أنه قال: لم تكن قبيلة من الجن إلا ولهم مقعد [للسمع] (1)، فإذا نزل الوحي سمعت الملائكة صوتا كصوت الحديدة ألقيتها على الصفا (2)، قال: فإذا سمعت الملائكة خروا سجدا، فلم يرفعوا رؤوسهم حتى ينزل، فإذا نزل قال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ فإن كان مما يكون في السماء قالوا: الحق وهو العلي الكبير، وإن كان مما يكون في الأرض من أمر الغيب أو موت أو شئ مما يكون في الأرض تكلموا به، قالوا: يكون كذا كذا، فتسمعه الشياطين فينزلونه على أوليائهم فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم دحروا بالنجوم، فكان أول من علم بها ثقيف، فكان ذو الغنم منهم ينطلق إلى غنمه فيذبح كل يوم شاة، وذو الإبل ينحر كل يوم بعيرا، فأسرع الناس في أموالهم فقال بعضهم لبعض: لا تفعلوا، فإن كان النجوم التي تهتدون بها [وإلا] (3) فإنه أمر حدث، فنظروا فإذا النجوم التي يهتدى بها كما هي لم يزل من منها شئ، فكفوا، وصرف الله الجن فسمعوا القرآن، فلما حضروه (4) قالوا:
أنصتوا، وانطلقت الشياطين إلى إبليس فأخبروه فقال: هذا حدث حدث في الأرض، فأتوني من كل أرض بتربة، فأتوه بتربة تهامة فقال: ها هنا الحديث (5).
ومن حديث الواقدي قال: فحدثني محمد بن صالح عن ابن أبي حكيم - يعني إسماعيل - عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم).
(2) أي كصوت الحديدة إذا ألقيتها على الصفا، والصفا: الحجر الأملس، قال تعالى: [كمثل صفوان عليه تراب] البقرة: 264] والصفوان: جمع الصفا.
(3) زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم).
(4) في المرجع السابق: (فلما حضروا)، وما أثبتناه من (خ)، وهي كما في التنزيل.
(5) (دلائل أبي نعيم): 1 / 225 - 226، باب حراسة السماء من استراق السمع لثبوت بعثته وعلو دعوته صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (177) وأخرجه أيضا البيهقي في (دلائل النبوة): 2 / 240 - 241، وقال في آخره: فأتوني من كل تربة أرض، فأتوه بها، فجعل يشمها فلما شم تربة مكة قال: من ها هنا جاء الحديث، فنصتوا، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث. ورواه ابن كثير في (التفسير): 4 / 458 تفسير سورة الجن باختلاف يسير.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست