وأما داود عليه السلام فخصه الله تعالى بتسبيح الجبال معه، قال تعالى: [ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه] (1)، وقال تعالى: [واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب * إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق * والطير محشورة كل له أواب] (2)، فسخر الله تعالى الجبال والطير له بالتسبيح، وقد أعطى الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم مثل ذلك من جنسه وزيادة، فسبح الحصا في كفه، وفي يد من صدقه واتبعه رفعة لشأنه وشأن مصدقيه، وقد سخرت الطير والبهائم العظيمة كالإبل والسباع العادية الضارية لنبينا صلى الله عليه وسلم، كسجود البعير الشارد له، والذئب الذي نطق بنبوته، وقد همهم الأسد لسفينة مولاه لما مر به ودله على الطريق، وأخذ الطائر خفه صلى الله عليه وسلم وارتفع به ثم ألقاه، فخرج منه أسود سالخ؟؟ وقد أوردت ذلك كله بطرقه.
وألين لداود عليه السلام الحديد، حتى سرد منه الدروع السوابغ، وقد لانت الحجارة وصم الصخور للمصطفى صلى الله عليه وسلم، فعادت له غارا استتر به من المشركين يوم أحد [و] (3)، مال برأسه إلى الجبل ليخفي شخصه عنهم، فلين الله تعالى له الجبل حتى أدخل [رأسه] (3)، وهذا أعجب، لأن الحديد تلينه النار، ولم نر النار تلين الحجر.
قال أبو نعيم: وذلك بعد ظاهر باق يراه الناس، وكذلك في بعض شعاب مكة حجر أصم استروح صلى الله عليه وسلم في صلاته إليه، فلان له الحجر حتى أثر فيه بذراعيه وساعديه، قال أبو نعيم: وذلك مشهور يقصده الحجاج ويرونه، ولانت الصخرة ببيت المقدس ليله أسري به كهيئة العجين، فربط [بها] (3) دابته البراق، ويلمسونه الناس إلى يومنا هذا باق. قاله أبو نعيم.
وكان داود عليه السلام حسن الصوت، بحيث بات عدة ممن سمعه وهو يقرأ الزبور على ذكر، وقد شبه نبينا صلى الله عليه وسلم صوت أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى