وأما يوسف عليه السلام فإنه فاق في الحسن على جميع الخلق، وقد بلغ نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك ما لا غاية فوقه، وذلك أن يوسف عليه السلام قد ثبت أنه أوتي شطر الحسن، فزعم زاعم أنه عليه السلام اختص بالشطر من الحسن، واشترك الناس جميعا في [الشطر] الآخر، وليس كذلك، بل إنما أوتي شطر الحسن الذي أوتيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ الغاية، وهو عليه السلام بلغ شطر الغاية، بدليل ما خرجه الترمذي من طريق قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال: ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه وحسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا.
ويؤيد ذلك أنه صلى الله عليه وسلم وصف بأنه كالشمس الطالعة، وكالقمر ليلة البدر، وأحسن من القمر، ووجهه كأن مذهبة يستنير كاستنارة القمر، وكان عرقه صلى الله عليه وسلم له رائحة كرائحة المسك الأذخر، وقد تقدم ذلك بطرقه.
وقد قاسى يوسف عليه السلام مرارة الغربة، وامتحن بمفارقة أبويه، والخروج عن وطنه، وكان الذي قاسى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك أعظم، فإنه اغترب وفارق أهله وولده، وعشيرته وأحبته، كما هاجر من حرم الله وأمنه، حيث مسقط رأسه مضطرا لا مختارا، فاستقبل البيت مستعبرا متلهفا حزينا، وقال: إني أعلم أنك أحب البلاد إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما [خرجت] (1)، وخرج ليتأولها، فلما بلغ الجحفة أنزل الله عليه: [إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد] (2) وأراه الله تعالى رؤيا أزال بها الحزن عنه، كما أري يوسف عليه السلام رؤيا صدق تأويلها.
قال تعالى: [لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين] (3)، فدخل صلى الله عليه وسلم مكة آمنا، وصدق وعد الله له، كما جاء تعالى بأبوي يوسف تأويلا لرؤياه من قبل.
وقد ابتلي يوسف عليه السلام بالسجن توقيا للمعصية، إذ قال: [رب