النبي صلى الله عليه وسلم يمنعك الله، فلما خرج أربد وعامر، قال عامر: إني أشغل عنك محمدا بالحديث فاضربه بالسيف، فإن الناس إذا قتلت محمدا لم يزيدوا على أن يرضوا بالدية ويكرهوا الحرب، فسنعطيهم الدية، قال أربد: أفعل.
فأقبلا راجعين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عامر: يا محمد؟ قم معي أكلمك، فقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه، وسل أربد السيف فلما وضع يده على سيفه يبست على قائم السيف فلم يستطع سله، وأبطأ أربد على عامر بالضرب، فلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع فانصرف عنهما.
فلما خرج عامر وأربد من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كانا بالحرة - حرة واقم (1) - نزلا فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فقالا: اشخصا يا عدوي الله، لعنكما الله، فقال عامر: من هذا يا سعد؟ قال: هذا أسيد بن حضير الكتائب، [قال] (2) فخرجا حتى إذا كانا بالرقم (3) أرسل الله على أربد صاعقة فقتلته.
وخرج عامر حتى إذا كان بالخريب أرسل الله عليه قرحة فأخذته، فأدركه الليل في بيت امرأة من بني سلول يرغب أن يموت في بيتها ثم ركب فرسه فأحضره حتى مات عليه راجعا، فأنزل الله فيهما: [الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام] (4) إلى قوله: [وما لهم من دون الله من وال] (5)، قال: المعقبات من أمر الله: يحفظون محمدا صلى الله عليه وسلم ثم ذكر أربد وما هم به فقال: [هو الذي يريكم البرق] (6) الآية إلى قوله: [وهو شديد المحال] (7).
قال الواقدي: حدثني عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال:
قدم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد توافقا على ما توافقا عليه من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدما قال عامر: خالني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأبى الله ذلك، وأينا قتله، فلما ولى عامر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفني عامر بن الطفيل.