ومنها أن الله تجلى لموسى في سيناء وقال له بعض كلام كثير: أدخل يدك في [حجرتك] وأخرجها مبروصة كالثلج؟ وهذا من النمط الأول، والله لم يتجل لموسى، وإنما أمره أن يدخل يده في جيبه، وأخبره أنها تخرج بيضاء من غير سوء أي برص.
ومنها: أن هارون هو الذي صاغ لهم العجل حتى عبدوه، وهذا إن لم يكن من افترائهم فهو اسم للسامري لا أخو موسى.
ومنها: أن الله رأى كثرة فساد الآدميين في الأرض فندم على خلقهم وقال كلاما في آخره: وإني نادم على خلقهم جدا؟ تعالى الله وتنزه عن ذلك.
ومنها: أن الله - سبحانه وتعالى علوا كبيرا - تصارع مع يعقوب فضرب به يعقوب الأرض، ومنها: أن يهوذا بن يعقوب زوج ابنه الأكبر من امرأة يقال لها: يامارا، فكان يأتيها مستدبرا فغضب الله من فعله فأماته، فزوج يهوذا ولده الآخر بها، فكان إذا دخل بها أمنى على الأرض، علما بأن [ولدها] كان أول أولاده مدعوا باسم أخيه ومنسوبا إلى أخيه، فكره الله ذلك من فعله فأماته، فأمر بها يهوذا باللحاق ببيت أبيها إلى أن يكبر شيلا ولده ويتم عقله، ثم ماتت زوجة يهوذا وذهب إلى منزل له ليجز غنمه.
فلما أخبرت يا مارا ولبست زي الزواني وجلست له على طريقه، فلما مر بها خالها زانية فراودها عن نفسها فطالبته بالأجرة، فوعدها بجدي ورمى عندها عصاه وخاتمه، فدخل بها فعلقت منه، ومن ولده هذا داود النبي؟.
فانظر كيف اشتمل هذا الافتراء القبيح على طامتين عظيمتين، إحديهما: أم يهوذا هذا أحد الأسباط الاثني عشر، وقد اثنى الله تعالى عليهم، وذكر هم مع كرام الرسل، فقال الله تعالى: [قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن مسلمون] (1)، وقوله تعالى: إنا أوحينا