أما القرآن الكريم فقال ابن الأنباري: سمي قرآنا لأنه جمع السور وضمها من قوله: ﴿فإذا قرأناه فاتبع قرآنه﴾ (1)، أي إذا [ألفنا] منه شيئا فاعمل به.
وقيل: سمي قرآنا لأن القارئ يلقنه من فيه من قولهم: ما قرأت هذه الناقة علي قط، أي ما رمت. وقال أبو زيد: قرئت القرآن فهو مقرئ. وقال اللحياني:
قرأت القرآن قرءا مثل قرعا، قراءة وقرآنا وهو الاسم.
و قال ابن دريد: من قال قران (بلا همز) جعله من قريت الشئ بعضه إلى بعض، فالقرآن والكتاب اسمان علمان على المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ووصفان له لأنه يقرأ ويكتب، فحيث جاء بلفظ التعريف فهو العلم، وحيث جاء بوصف النكرة فهو الوصف، وإن شئت قلت: هما يجريان مجرى واحد كالعباس وابن العباس، فهو في الحالين اسم العلم.
فالقرآن الكريم حجة على الملحدين، وبيان للموحدين، قائم بالحلال المنزل، والحرام المفصل، وفصل بين الحق والباطل، يرجع إليه العالم والجاهل، وإمام تقام به الفروض والنوافل، وسراج لا يخبو ضياؤه، ومصباح لا يخمد ذكاؤه، وشهاب لا يطفأ نوره، وبحر لا يدرك غوره، ومعجز لا يزال يظفر رموزه، ومعقل يمنع من الهلكة والبوار، ومرشد يدل على طريق الجنة والنار وهاد يدل على المكارم، وزاجر يصد عن المحارم.
ظاهره أنيق، وباطنه عميق، وهو حبل الله الممدود، وعهده المعهود، وصراطه المستقيم، وحجته الكبرى، ومحجته الوسطى، وهو الواضح سبيله، والراشد دليله، الذي من استضاء بصباحه أبصر ونجا، ومن أعرض عنه زل وهوى.
وفضائل القرآن لا تستقصي في ألف قرآن، حجة الله ووعده ووعيده، به