ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام، فقام إليه عقبة بن أبي معيط فجعل رداءه في عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبتيه ساقطا، وتصايح الناس فظنوا أنه مقتول، فأقبل أبو بكر رضي الله عنه يشتد حتى أخذ بضبعي (1) رسول الله من ورائه وهو يقول:
أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟ ثم انصرفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقام فصلى.
فلما قضى صلاته مر بهم وهم جلوس في ظل الكعبة فقال: يا معشر قريش؟
أما والذي نفسي بيده ما أرسلت إليكم إلا بالذبح - وأشاره بيده إلى حلقه - فقال أبو جهل: يا محمد، ما كنت جهولا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت منهم.
قال أبو نعيم: ورواه سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمرو ابن العاص نحوه، ورواه محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص نحوه وقال: يا معشر قريش؟ أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح.
قال: فأخذت القوم كلهم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طير واقع، حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفأه (2) بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول: انصرف [يا] (3) أبا القاسم راشدا، فوالله ما كنت جهولا (4).
ومن حديث داود بن أبي هند عن قيس بن حبتر قال: قالت ابنة الحكم:
قلت لجدي الحكم: ما رأيت قوما أعجز منكم ولا أسوأ رأيا يا بني أمية في رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا تلومينا يا بنية، إني لا أحدثك إلا ما رأيت بعيني هاتين، قلنا: والله لا نزال نسمع قريشا تعلى أصواتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد، تواعدوا له حتى يأخذوه.