فصل في ذكر ما كان من أعلام نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ حملت به أمه آمنة بنت وهب (1) إلى أن بعثه الله برسالته إعلم أنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أمارات النبوة آيات وأعلام يهتدى بها إلى ثبوت نبوته وصدق رسالته، قدمها الله تعالى قبل بعثته برسالته ليكون دليلا واضحا وبرهانا صحيحا لائحا على نبوته وتحقيق رسالته.
فمن ذلك إخبار الحبر لعبد المطلب بأن في إحدى يديه ملكا وفي الأخرى نبوة، وأن ذلك في زهرة، وأن عبد الله بن عبد المطلب كان يرى بين عينيه نور النبوة، وأن أمة آمنة بنت وهب لما حملت به بشرت بأنه خير البرية، ولما ضربها المخاض دنت منه نجوم السماء، وخرج منها لما وضعته نور أضاء له البيت، وانتشر حتى أضاءت له قصور الشام وغيرها، وطرحوا عليه بعد ولادته برمة فانفلقت، وولد مختونا مسرورا، وفتحت لولادته أبواب السماء، واستبشرت الملائكة، وتطاولت الجبال وارتفعت البحار، وقل الشيطان ومردته، وألبست الشمس نورا عظيما، ونكست الأصنام وحجبت الكهان، وارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، وغاضت بحيرة ساوي، ورأى المؤبذان