وأما معرفة اليهود له وهو غلام مع أمه بالمدينة، واعترافهم إذا ذاك بنبوته فقد قال الله جل جلاله: [الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون] (1)، أي يعرفون نبوته وصدق رسالته، والضمير عائد على محمد صلى الله عليه سلم، قال مجاهد وقتادة وغيرهما: وخص الأبناء في المعرفة بالذكر دون الأنفس، وإن كانت ألصق، لأن الإنسان يمر عليه في زمنه برهة لا يعرف فيها نفسه، ولا يمر عليه وقت لا يعرف فيه ابنه، وقد روى أن عمر رضي الله عنه قال لعبد الله بن سلام: أتعرف محمدا صلى الله عليه وسلم كما تعرف ابنك؟ قال:
نعم وأكثر، بعث الله أمينه في السماء إلى أمينه في الأرض فعرفته، وابني لا أدري ما كان من أمه [وإن فريقا منهم]: يعني اليهود الذين أوتوا الكتاب ليكتمون الحق يعني محمدا صلى الله عليه وسلم. قال مجاهد وقتادة وخصيف، وهم يعلمون ظاهر كفرهم عنادا. ومثله: [وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم]، قوله: فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به] (2).
وقال الواقدي: حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحرث، وعبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، وأبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة بن أبي رهم العامري، وربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي، وموسى بن يعقوب الزمعي في عدة (4)، كل قد حدثه من هذا الحديث بطائفة، قالوا: [وغير هؤلاء المسمين قد حدثوني أيضا أهل ثقة وقناعة] (5) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون مع أمه، فلما بلغ ست سنين خرجت به أمه إلى أخواله بني عدي بن النجار