إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٤ - الصفحة ٥٧
وأما ولادته مختونا مسرورا فخرج البيهقي من حديث الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم مختونا مسروا، [قال] (1) فأعجب جده عبد المطلب، وحظي عنده وقال: ليكونن لابني هذا شأن، فكان له شأن (2).
ولأبي نعيم من حديث الحسن بن عرفة قال: حدثنا هشيم (3) بن بشير عن يونس (4) بن عبيد عن الحسن [عن أنس بن مالك] (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كرامتي على ربي أني ولدت مختونا ولم ير أحد سوأتي (6).
وله من حديث علي بن محمد المدائني قال: حدثنا سلمة (7) بن محارب [بن سلم] (8) بن زياد عن أبيه عن أبي بكرة، أن جبريل ختن النبي صلى الله عليه وسلم حين طهر قلبه (9).
* * *

(1) زيادة للسياق من رواية (البيهقي).
(2) (دلائل البيهقي): 1 / 114، و (طبقات ابن سعد): 1 / 103.
(3) في (خ): (هيثم).
(4) في (خ): (موسى).
(5) في (خ): الحسن بن مالك.
(6) (دلائل أبي نعيم): 1 / 154، حديث رقم (91)، بيان رضاعه وفصاله وأنه ولد مختونا مسرورا صلى الله عليه وسلم، والمسرور: مقطوع السرة.
(7) في (خ): (مسلمة).
(8) زيادة للنسب من (دلائل أبي نعيم).
(9) (دلائل أبي نعيم): 1 / 155 / حديث رقم (93).
قال القسطلاني في (المواهب): قال الحاكم في (المستدرك): تواترت الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا. وتعقبه الحافظ الذهبي فقال: ما أعلم صحة لذلك، فكيف يكون متواترا؟ وأجيب: باحتمال أن يكون أراد بتواتر الأخبار اشتهارها وكثرتها في السير، لا من طريق السند المصطلح عليه عند أئمة الحديث.
وقد حكى الحافظ زين الدين العراقي، أن الكمال بن العديم ضعف أحاديث كونه ولد مختونا، وقال إنه لا يثبت في هذا شئ من ذلك.
وأقره عليه، وبه صرح ابن القيم في (الهدي النبوي) ثم قال: ليس من خصائصه، إن كثيرا من الناس ولد مختونا.
ويحكي الحافظ ابن حجر أن العرب تزعم أن الغلام إذا ولد في القمر، فسخت قلفته - أي اتسعت - فيصير كالمختون.
وفي (الوشاح) لابن دريد: قال ابن الكلبي: بلغني أن آدم خلق مختونا، واثنى عشر نبيا من بعده خلقوا مختونين، آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهم شيث، وإدريس، ونوح، وسام، ولوط، ويوسف، وموسى، وسليمان، وشعيب، ويحيى، وهود، وصالح صلوات الله عليهم أجمعين.
وفي هذه العبارة تجوز، لأن الختان هو القطع، وهو غير ظاهر، لأن الله تعالى يوجد ذلك على هذه الهيئة من غير قطع، فيحمل الكلام باعتباره أنه على صفة المقطوع.
الخلاصة في ختانه صلى الله عليه وسلم: وقد حصل من الاختلاف في ختانه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه ولد مختونا كما تقدم.
الثاني: أنه ختنه جده عبد المطلب يوم سابعه، وصنع له مأدبة وسماه محمدا. رواه الوليد ابن مسلم بسنده إلى ابن عباس، وحكاه ابن عبد البر في (التمهيد).
الثالث: أنه ختن عند حليمة، كما ذكره ابن القيم، والدمياطي إن جبريل عليه السلام ختنه حين طهر قبله.
وكذا أخرجه الطبراني في (الأوسط)، وأبو نعيم من حديث أبي بكرة. قال الذهبي وهذا منكر. (المواهب اللدنية) 1 / 133 - 136. وللقسطلاني في المرجع السابق بحث في فقه الختان ص 136 - 138 وهو بحث نفيس، فليراجع هناك.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست