أيضا: إني لأستحي من الله عز وجل أن أرى الأخ من إخواني فأسأل الله له الجنة وأبخل عليه بالدنيا، فإذا كان يوم القيامة قيل لي فإذا كانت الجنة بيدك كنت بها أبخل، وأبخل وأبخل. وذكروا أنه كان كثير البكاء فقيل له في ذلك فقال: إن يعقوب عليه السلام بكى حتى ابيضت عيناه على يوسف، ولم يعلم أنه مات، وإني رأيت بضعة عشر من أهل بيتي يذبحون في غداة واحدة، فترون حزنهم يذهب من قلبي أبدا؟ وقال عبد الرزاق: سكبت جارية لعلي بن الحسين عليه ماء ليتوضأ فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجه، فرفع رأسه إليها فقالت الجارية: إن الله يقول (والكاظمين الغيظ) [آل عمران: 134]، فقال: وقد كظمت غيظي، قالت (والعافين عن الناس) فقال: عفا الله عنك. فقالت (والله يحب المحسنين) قال: أنت حرة لوجه الله تعالى.
وقال الزبير بن بكار: ثنا عبد الله بن إبراهيم بن قدامة اللخمي، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي عن أبيه قال: جلس قوم من أهل العراق فذكروا أبا بكر وعمر فنالوا منهما، ثم ابتدأوا في عثمان فقال لهم: أخبروني أأنتم من المهاجرين الأولين الذين (أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله) [الحشر: 8]؟ قالوا: لا قال: فأنتم من الذين (تبوأ والدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم) [الحشر: 9]؟ قالوا: لا! فقال لهم: أما أنتم فقد أقررتم وشهدتم على أنفسكم أنكم لستم من هؤلاء ولا من هؤلاء، وأنا أشهد أنكم لستم من الفرقة الثالثة الذين قال الله عز وجل فيهم (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا) [الحشر: 10] الآية، فقوموا عني لا بارك الله فيكم، ولا قرب دوركم، أنتم مستهزئون بالاسلام، ولستم من أهله. وجاء رجل فسأله متى يبعث علي؟ فقال: يبعث والله يوم القيامة وتهمه نفسه. وقال ابن أبي الدنيا: حدثت عن سعيد بن سليمان، عن علي بن هاشم، عن أبي حمزة الثمالي: أن علي بن الحسين كان إذا خرج من بيته قال: اللهم إني أتصدق اليوم - أو أهب عرضي اليوم - من استحله. وروى ابن أبي الدنيا أن غلاما سقط من يده سفود وهو يشوي شيئا في التنور على رأس صبي لعلي بن الحسين فقتله، فنهض علي بن الحسين مسرعا، فلما نظر إليه قال للغلام: إنك لم تتعمد، أنت حر، ثم شرع في جهاز ابنه. وقال المدائني: سمعت سفيان يقول: كان علي بن الحسين يقول: ما يسرني أن لي بنصيبي من الذل حمر النعم: ورواه الزبير بن بكار من غير وجه عنه. ومات لرجل ولد مسرف على نفسه فجزع عليه من أجل إسرافه، فقال له علي بن الحسين: إن من وراء ابنك خلالا ثلاثا، شهادة أن لا إله إلا الله، وشفاعة رسول الله، ورحمة الله عز وجل. وقال المدائني: قارف الزهري ذنبا فاستوحش منه وهام على وجهه وترك أهله وماله. فلما اجتمع بعلي بن الحسين قال له: يا زهري قنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شئ أعظم من ذنبك، فقال الزهري: (الله أعلم حيث يجعل رسالاته) [الانعام: 124] وفي رواية أنه كان أصاب دما حراما خطأ فأمره علي بالتوبة والاستغفار