وكان السبب في فعل عيسى هذا ببكجور أنه كان بينه وبين بكجور عداوة مستحكمه وولي الوزارة بعد وفاة ابن كلس فكتب إلى نزال ما ذكرناه.
فلما وصل أمر العزيز إلى نزال بإنجاد بكجور كتب إليه يعرفه ما أمر به من نجدته بنفسه وبالعساكر معه وقال له بكجور مسيرك عن الرقة يوم كذا ومسيري أنا عن طرابلس يوم كذا ويكون إجتماعنا على حلب يوم كذا وتابع رسله إليه بذلك فسار مغترا بقوله إلى بالس فامتنعت عليه فحصرها خمسة أيام فلم يظفر بها فسار عنها.
وبلغ الخبر بمسير بكجور إلى سعد الدولة فسار عن حلب ومعه لؤلؤ الكبير مولى أبيه سيف الدولة وكتب إلى بكجور يستميله ويدعوه إلى الموافقة ورعاية حق الرق والعبودية ويبذل له أن يقطعه من الرقة إلى حمص فلم يقبل منه ذلك.
وكان سعد الدولة قد كاتب الوالي بأنطاكية لملك الروم يستنجده فسير إليه جيشا كثيرا من الروم وكاتب أيضا من مع بكجور من العرب يرغبهم في الإقطاع والعطاء الكثير والعفو عن مساعدتهم بكجور فمالوا إليه ووعدوه الهزيمة بين يديه فلما التقى العسكران اقتتلوا واشتد القتال فلما اختلط الناس في الحرب وشغل بعضهم ببعض عطف العرب على سواد بكجور فنهبوه واستأمنوا إلى سعد الدولة فلما رأى بكجور ذلك اختار من شجعان أصحابه أربعمائة رجل وعزم على أن يقصد موقف سعد الدولة ويلقي نفسه عليه فإما له وإما عليه فهرب واحد ممن حضر الحال إلى لؤلؤ الكبير وعرفه ذلك فطلب لؤلؤ من سعد الدولة أن يتحرك من موقفه ويقف مكانه فأجابه إلى ذلك بعد امتناع فحمل بكجور ومن معه فوصلوا