السيرة في الرعية، ولم يأخذ منهم سوى الزكاة فأقام بالصحراء مدة ثم عاد أبو بكر بن عمر إلى سجلماسة فأقام بها سنة والخطبة والأمر والنهي له واستخلف عليها ابن أخيه أبا بكر بن إبراهيم بن عمر وجهر مع يوسف بن تاشفين جيشا من المرابطين إلى السوس ففتح على يديه.
وكان يوسف رجلا دينا خيرا حازما داهية مجربا وبقوا كذلك إلى سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي أبو بكر بن عمر بالصحراء فاجتمعت طوائف المرابطين على يوسف بن تاشفين وملكوه عليهم ولقبوه أمير المسلمين وكانت الدولة في بلاد الغرب لزناتة الذين ثاروا في أيام الفتن وهي دولة ردية مذمومة سيئة السيرة لا سياسة ولا ديانة، وكان أمير المسلمين وطائفته على نهج السنة واتباع الشريعة فاستغاث به أهل المغرب فسار إليها وافتتحها حصنا حصنا وبلد بلدا بأيسر سعي فأحبه الرعايا وصلحت أحوالهم.
ثم إنه قصد موضع مدينة مراكش وهو قاع صفصف لا عمارة فيه وهو موضع متوسط في بلاد المغرب كالقيروان في إفريقية ومراكش تحت جبال المصامدة الذين هم أشد أهل المغرب كالقيروان في إفريقية ومراكش ليقوى على قمع أهل تلك الجبال هموا بفتنة واتخذها مقر فلم يتحرك أحد بفتنة وملك البلاد المتصلة بالمجاز مثل سبتة وطنجة وسلا وغيرها وكثرة عساكره.
وخرجت جماعة قبيلة لمتونة وغيرهم وضيقوا حينئذ لثامهم وكان قبل أن يملكوا يتلثمون في الصحراء من الحر والبرد كما يفعل العرب، والغالب على ألوانهم السمرة فلما ملكوا البلاد ضيقوا اللثام.