وقويت شوكته وبالغ هو في العيث والفساد وتخريب البلاد فجهز العزيز بالله العساكر وسيرها وجعل عليها القائد يلتكين التركي فسار إلى الرملة واجتمع إليها من العرب من قيس وغيرها جمع كثير وكان مع ابن جراح جمع يرمون بالنشاب ويقاتلون قتال الترك فالتقوا ونشبت الحرب بينهما وجعل يلتكين كمينا فخرج على عسكر ابن جراح من وراء ظهورهم عند اشتداد الحرب فانهزموا وأخذتهم سيوف المصريين ومضى ابن جراح منهزما إلى أنطاكية فاستجار بصاحبها فأجاره وصادف خروج ملك الروم من القسطنطينية في عساكر عظيمة يريد بلاد الاسلام فخاف ابن جراح فكاتب بكجور بحمص والتجاء إليه.
واما عسكر مصر فإنهم نازلوا دمشق مخادعين لقسام لم يظهروا له إلا انهم جاؤوا لاصلاح البلد وكف الأيدي المتطرقة إلى الأذى؛ وكان القائد أبو محمود قد مات سنة سبعين [وثلاثمائة] وهو والي البلد ولا حكم له وانما الحكم لقسام فلما مات قام بعده في الولاية جيش بن الصمصامة وهو ابن أخت أبي محمود فخرج إلى يلتكين وهو يظن انه يريد اصلاح البلد فأمره ان يخرج هو ومن معه وينزلوا بظاهر البلد ففعلوا وحضر قسام وأمر من معه بمباشرة الحرب فقاتلوا دفعات عدة فقوي عسكر يلتكين ودخلوا أطراف البلد وملكوا الشاغور وأحرقوا ونهبوا فاجتمع مشايخ البلد عند قسام وكلموه في ان يخرجوا إلى يلتكين ويأخذوا أمان لهم وله فانخذل وذل وخضع بعد تجبره وتكبره وقال افعلوا ما شئتم.
وعاد أصحاب قسام إليه فوجدوه خائفا ملقيا بيده فاخذ كل لنفسه وخرج شيوخ البلد البلد إلى يلتكين فطلبوا منه الأمان لهم ولقسام فأجابهم إليه