وكان سباشي جبانا فأقام بهراة ونيسابور ثم أغار بغتة على مرو وبها داود فسار مجدا فوصل إليها في ثلاثة أيام فأصاب جيوشه ودوابه التعب والكلال فانهزم داود بين يديه ولحقه العسكر فحمل عليه صاحب جوزجان فقاتله داود فقتل صاحب جوزجان وانهزمت عساكره فعظم قتله على سباشي وكل من معه ووقعت عليهم الذلة وقويت نفوس السلجوقية وزاد طمعهم.
وعاد داود إلى مرو فأحسن السيرة في أهلها وخطب له فيها أول جمعة في رجب سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ولقب في الخطبة بملك الملوك وسباشي يمادي الأيام ويرحل من منزل إلى منزل والسلجوقية يراوغونه مراوغة الثعلب فقيل إنه كان يفعل ذلك جبنا وخورا وقيل بل راسله السلجوقية واستمالوه ورغبوه فنفس عنهم وتراخى في تتبعهم والله أعلم.
ولما طال مقام سباشي وعساكره و السلجوقية بخراسان والبلاد منهوبة والدماء مسفوكة قلت الميرة والأقوات على العساكر خاصة فأما السلجوقية فلا يبالون بذلك لأنهم يقنعون بالقليل فاضطر سباشي إلى مباشرة الحرب وترك المحاجزة فسار إلى داود وتقدم داود إليه فالتقوا في شعبان سنة ثمان وعشرين [وأربعمائة] على باب سرخس ولداود منجم يقال له الصومعي فأشار على داود بالقتال وضمن له الظفر وأشهد على نفسه أنه إن أخطأ فدمه مباح فاقتتل العسكران فلم يثبت عسكر سباشي وانهزموا أقبح هزيمة وساروا أخزى مسير إلى هراة فتبعهم داود وعسكره إلى طوس يأخذونهم باليد وكفوا عن القتل وغنموا أموالهم فكانت هذه الوقعة هي الوقعة التي ملك