البوابين والشم على أبواب قصور الإمارة ولم يتحول هو عن داره إليها وجعل ما يرتفع من الأموال السلطانية بأيدي رجال رتبهم لذلك وهو المشرف عليهم وصير أهل الأسواق جندا وجعل ارزاقهم ربح أموال تكون بأيديهم دينا عليهم فيكون الربح لهم ورأس المال باقيا عليهم، وكان يتعهدهم في الأوقات المتفرقة لينظر كيف حفظهم لها وفرق السلاح عليهم فكان أحدهم لا يفارقه سلاحه حتى يعجل حضوره إن احتاج إليه.
وكان جهور بشهد الجنائز ويعود المرضى ويحضر الأفراح على طريقة الصالحين وهو مع ذلك يدبر الأمر تدبير الملوك وكان مأمون الجانب وأمن الناس في أيامه وبقي كذلك إلى أن مات في صفر سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وقام بأمرها بعده ابنه أبو الوليد محمد بن جهور على هذا التدبير إلى أن مات، فغلب عليها الأمير الملقب بالمأمون صاحب طليطلة فدبرها إلى أن مات بها.
وأما إشبيلية فاستولى عليها القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد اللخمي وهو من ولد النعمان بن المنذر وقد ذكرنا سبب ذلك في دولة يحيى بن علي بن حمود قبل هذا وفي هذا الوقت ظهر أمر المؤيد هشام بن الحاكم وكان قد اختفى وانقطع خبره، وكان ظهور بمالقة ثم سار منها إلى المرية فخافه صاحبها زهير العامري فأخرجه منها، فقصد قلعة رباح فأطاعه أهلها فسار إليهم صاحبه إسماعيل بن ذي النون وحاربهم فضعفوا عن مقاومته فأخرجوه، فاستدعاه القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد إليه بإشبيلية وأذاع أمره وقام بنصره وكان رؤساء الأندلس في طاعته فأجابه إلى ذلك صاحب بلنسية نواحيها وصاحب قرطبة وصاحب