أربع عشرة [وأربعمائة]، فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم سكنت الحرب وأمن بعضهم بعضا إلى منتصف جمادى الأولى من السنة والقاسم بالقصر يظهر التودد لأهل قرطبة وأنه معهم وباطنه مع البربر.
فلما كان يوم الجمعة منتصف جمادى الآخرة صلى الناس الجمعة فلما فرغوا تنادوا السلاح السلاح فاجتمعوا ولبسوا السلاح وحفظوا البلد ودخلوا قصر الإمارة، فخرج عنها القاسم واجتمع معه البربر وقاتلوا أهل البلد وضيقوا عليهم وكانوا أكثر من أهله، فبقوا كذلك نيفا وخمسين يوما والقتال متصل فخاف أهل قرطبة وسألوا البربر في أن يفتحوا لهم الطريق ويؤمنوهم على أنفسهم وأهليهم فأبوا إلا أن يقتلوهم فصبروا حينئذ على القتال وخرجوا من البلد ثاني عشر شعبان وقاتلوهم قتال مستقتل فنصرهم الله على البربر (ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله)، وانهزم البربر هزيمة عظيمة ولحق كل طائفة منهم ببلد فاستولوا عليه.
وأما القاسم بن حمود فإنه سار إلى إشبيلية وكتب إلى أهلها في إخلاء الف دار ليسكنها البربر فعظم عليهم، وكان بها ابناه محمد والحسن، فثار بهما أهلها فأخرجوهما عنهم ومن معهما وضبطوا البلد وقدموا على أنفسهم ثلاثة من شيوخهم وكبرائهم وهم القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد اللخمي ومحمد بن يريم الألهاني ومحمد بن الحسن الزبيدي، وكانوا يدبرون أمر البلد والناس.
ثم اجتمع ابن يريم والزبيدي وسألوا ابن عباد أن ينفرد بتدبير أمورهم،