إبراهيم إلى هاشم بن جعفر والعسكر الذين معه وهو بقلعة شقنبارية فكان بينهم حرب انهزم [فيها] ابن جعفر ولجأ إلى باجة وغنم حماد ماله وعدده فرحل باديس إلى مكان يسمى قبر الشهيد فأتاه جمع كثير من عسكر عمه حماد، ووصلت كتب حماد وإبراهيم إلى باديس أنهما ما فارقا الجماعة ولا خرجا عن الطاعة فكذبهما ما ظهر من أفعالهما من سفك الدماء وقتل الأطفال وإحراق الزروع والمساكن وسبي النساء.
ووصل حماد إلى باجة فطلب أهلها منه الأمان فأمنهم واطمأنوا إلى عهده فدخلها يقتل وينهب ويحرق ويأخذ الأموال.
وتقدم باديس إليه بعساكره، فلما كان في صفر سنة ست وأربعمائة ووصل حماد إلى مدينة أشير وهي له وفيها نائبه واسمه خلف الحميري فمنعه خلف من دخولها وصار في طاعة باديس فسقط في يد حماد فإنها كانت معولة لحصانتها وقوتها.
ووصل باديس إلى مدينة المسيلة ولقيه أهلها وفرحوا به، وسير جيشا إلى المدينة التي أحدثها حماد فخربوها إلى أنهم لم يأخذوا مال أحد وهرب إلى باديس جماعة كثيرة من جند القلعة التي له وفيها أخوه إبراهيم، فأخذ إبراهيم أبناءهم وذبحهم على صدور أمهاتهم فقيل أنه ذبح بيده منهم ستين طفلا، فلما فرغ من الأطفال قتل الأمهات.
وتقارب باديس وحماد والتقوا مستهل جمادى الأولى واقتتلوا أشد قتال وأعظمه ووطن أصحاب باديس أنفسهم على الصبر أو الموت لما كان حماد يفعله لمن يظفر به، واختلط الناس بعضهم ببعض وكثر القتل ثم انهزم