في هذه السنة وعزم على قصد خلف وأخذ ما بيده والاستراحة من مكره. فسار إليه وهو في حصن الطاق وله سبعة أسوار محكمة يحيط بها خندق عميق عريض لا يخاض إلا من طريق على جسر يرفع عند الخوف فنازله وضايقه فلم يصل إليه.
فأمر بطم الخندق ليمكن العبور إليه فقطعت الأخشاب وطم بها وبالتراب في يوم واحد مكانا يعبرون فيه ويقاتلون منه.
وزحف الناس ومعهم الفيول واشتدت الحرب وعظم الأمر، وتقدم أعظم الفيول إلى باب السور فاقتلعه بنابيه وألقاه وملكه أصحاب يمين الدولة وتأخر أصحاب خلف إلى السور الثاني فلم يزل أصحاب يمين الدولة يدفعونهم عن سور سور، فلما رأى خلف اشتداد الحرب وأن أسواره تملك عليه وأن أصحابه قد عجزوا وأن الفيلة تحطم الناس طار قلبه خوفا وفرقا، فأرسل يطلب الأمان فأجابه يمين الدولة إلى ما طلب وكف عنه، فلما حضر عنده أكرمه واحترمه وأمره بالمقام في أي البلاد شاء فاختار أرض الجوزجان فسير إليهما في هيئة حسنة فأقام بها نحو أربع سنين.
ونقل إلى يمين الدولة عنه أنه يراسل ايلك الخان يغريه بقصد يمين الدولة فنقله جردين واحتاط عليه هنالك إلى أن أدركه في رجب سنة تسع وتسعين [وثلاثمائة]، فسلم يمين الدولة جميع ما خلفه إلى ولده أبي حفص. وكان خلف مشهورا بطلب العلم وجمع العلماء، وله كتاب صنفه في تفسير القرآن من أكبر الكتب.