(ملكت ما ملكته * والأمر فيه إلى سواك) هذه الذي ترى من قلقي وغمي لما سمعت ورأيت فقلت خيرا رأيت يا أمير المؤمنين فلم يلبث أن خرج إلى مكة فلما سار من بغداد ليحج نزل قصر عبدويه فانقض في مقامه هناك كوكب لثالث بقين من شوال بعد إضاءة الفجر فبقي أثره بنا إلى طلوع الشمس فأحضر المهدي وكان قد صحبه ليودعه فوصاه بالمال والسلطان يفعل ذلك كل يوم من أيام مقامه بكره وعشية فلما كان اليوم الذي ارتحل فيه قال له إني لم أده شيئا إلى قد تقدمت إليك فيه وسأوصيك بخصال والله ما أظنك تفعل واحدة منها.
وكان له سفط فيه دفاتر علمه وعليه قفل لا يفتتح غيره فقال للمهدي انظر إلى هذا السفط فاحتفظ به فإن فيه علم آبائك ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة فإن أحزنك فانظر في الدفتر الكبير فإن أصبت فيه ما تريد والا ففي الثاني والثالث حتى بلغ سبعة فإن ثقل عليك فالكراسة الصغيرة فإنك واجد فيها ما تريد وما أظنك تفعل.
وانظر هذه المدينة وإياك أن تستبدل بها غيرها وقد جمعت لك فيها الأموال ما أن كسر عليك الخراج عشر سنين كفاك لأرزاق الجندي والنفقات والذرية ومصلحة البعوث فاحتفظ بها فإنك لا تزال عزيزا ما دام بيت مالك عامرا وما أظنك تفعل.
وأوصيك بأهل بيتك أن تظهر كرامتهم وتحسن إليهم وتقدمهم وتوطئ الناس أعقابهم وتوليهم المنابر فإن عزك عزوهم وذكرهم