ذكر فتح عمورية ولما خرج ملك الروم وفعل في بلاد الإسلام ما فعل بلغ الخبر المعتصم فلما بلغه ذلك استعظمه وكبر لديه وبلغه أن امرأة هاشمية صاحت وهي أسيرة في أيدي الروم وامعتصماه فأجابها وهو جالس على سريره لبيك لبيك ونهض من ساعته وصاح في قصره النفير النفير ثم ركب دابته وسمط خلفه شكالا وسكة الحديد وحقيبة فيها زاده ولم يمكنه المسير إلا بعد التعبية وجمع العساكر فجلس في دار العامة وأحضر قاضي بغداد وهو عبد الرحمن بن إسحاق وشعبة بن سهل ومعهما ثلاثمائة وثمانية وعشرون رجلا من أهل العدالة فأشهدهم على ما وقف من الضياع فجعل ثلثا لولده وثلثا لله تعالى وثلثا لمواليه.
ثم سار فعسكر بغربي دجلة لليلتين خلتا من جمادى الأولى ووجه عجيف بن عنبسة وعمر الفرغاني ومحمد كوتاه وجماعة من القواد إلى زبطرة معونة لأهلها فوجدوا ملك الروم قد انصرف عنها إلى بلاده بعد ما فعل ما ذكرناه، فوقفوا حتى تراجع الناس إلى قراهم واطمأنوا.
فلما ظفر المعتصم ببابك قال أي بلاد الروم أصنع وأمنع وأحصن فقيل عمورية لم يعرض لها أحد منذ كان الإسلام وهي عين النصرانية وهي أشرف عندهم من القسطنطينية فسار المعتصم من سر من رأى وقيل كان مسيره سنة اثنين وعشرين وقيل سنة أربع وعشرين وتجهز جهازا