ولم يزل أهل ماردة تارة يطيعون ومرة يعصون إلى سنة اثنتين وتسعين فضعف أمر أصبغ لأن الحكم تابع إرسال الجيوش إليه واستعمال جماعة من أعيان أهل ماردة وثقاته من أصحابه فمالوا إليه وفارقوا أصبغ حتى أخوه فتحير اصبغ وضعفت نفسه فأرسل يطلب الأمان فأمنه الحكم ففارق ماردة وحضر عند الحكم وأقام عنده بقرطبة.
ذكر غزو الفرنج بالأندلس في هذه السنة تجهز لذريق ملك الإفرنج بالأندلس وجمع جموعه ليسير إلى مدينة طرطوشة ليحصرها فبلغ ذلك الحكم فجمع العساكر وسيرها مع ولده عبد الرحمن فاجتمعوا في جيش عظيم وتبعهم كثير من المتطوعة فساروا فلقوا الإفرنج في أطراف بلادهم قبل أن ينالوا من بلاد المسلمين شيئا فاقتتلوا وبذل كل من الطائفتين جهده واستنفذ وسعه فانزل الله تعالى نصره على المسلمين فانهزم الكفار وكثر القتل فيهم والأسر ونهبت أموالهم وأثقالهم وعاد المسلمون ظافرين غانمين.
ذكر عصيان حزم على الحكم في هذه السنة خالف حزم بن وهب بناحية باجة ووافقه غيره وقصدوا لشبونة وكان الحكم يسمى حزما في كتبه النبطي فلما سمع الحكم خبره سير إليه ابنه هشاما في جمع كثير فأذله ومن معه وقطع الأشجار وضيق عليهم حتى أذعنوا لطلب الأمان فأمنه.