وكان أهل مصر قد اعتادوا المطل بالخراج وكسره فبدأ عمر برجل منهم فطالبه بالخراج فلواه فأقسم أن لا يؤديه إلا بمدينة السلام فبذل الخراج فلم يقبله منه وحمله إلى بغداد فأدى الخراج بها فلم يمطله أحد فاخذ النجم الأول والنجم الثاني فلما كان النجم الثالث وقعت المطاولة والمطل وشكوا الضيق فأحضر تلك الهدايا وحسبها لأربابها وأمرهم بتعجيل الباقي فاسرعوا في ذلك فاستوفى خراج مصر عن آخره ولم يفعل ذلك غيره ثم انصرف إلى بغداد.
ذكر فتنة بدمشق وفي هذه السنة هاجت الفتنة بدمشق بين المضرية واليمانية.
وكان رأس المضرية أبو الهيذام واسمه عامر بن عمارة بن خزيم الناعم بن عمرو بن الحرث بن خارجة بن سنان بن أبي حارثة بن مرة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذيبان بن بغيض بن ريث بن غطفان المري أحد فرسان العرب المشهورين.
وكان سبب الفتنة أن عاملا للرشيد بسجستان قتل أخا لأبي الهيذام، فخرج أبة الهيذام بالشام، وجمع جمعا عظيما، وقال رثي أخاه:
(سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا * فإن بها ما يدرك الطالب الوترا) (ولسنا كمن ينعى أخاه بعبرة * يعصرها من ماء مقلته عصرا)