الكامل في التاريخ هو أشهر كتب عز الدين ابن الأثير، وعليه تقوم شهرته ومنزلته العلمية، وهو كناية عن تاريخ جامع الاخبار ملوك الشرق والغرب وما بينهما، بدأه منذ أول الزمان، إلى آخر سنة 628 ه 1230 م، أي قبل وفاته بسنتين.
أما سبب وضعه هذا الكتاب، فهو ما بينه في مقدمة بأنه لم يزل محبا لمطالعة كتب التواريخ ومعرفة ما فيها، فلما تأملها رآها متباينة في تحصيل الغرض، فمن بين مطول قد استقصى الطرق والروايات، ومختصر قد أخل بكثير مما هو آت، ومع ذلك فقد ترك كلهم العظيم من الحادثان، وسود كثيرا من الأوراق بصغائر الأعراض، والشرقي منهم قد أخل بذكر أخبار الغرب، والغربي قد أهمل أحوال الشرق، فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخا متصلا إلى وقته يحتاج إلى مجلدات كثيرة وكتب متعددة، مع ما فيها من الإخلاق والإملال، وهذا ما جعله يؤلف تاريخه الجامع لأخبار ملوك الشرق والغرب وما بينهما ليكون تذكرة له يراجعها خوف النسيان، وليأتي بالحوادث والكائنات من أول الزمان متتابعة يتلو بعضها بعضا إلى وقته.
وهو لا يدعي أنه أتى على جميع الحوادث المتعلقة بالتاريخ، فإن من هو بالموصل لا بد أن يشذ عما هو بأقصى الشرق والغرب، ولكنه جمع في كتابه هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد.
ورأى المؤرخين الذين تقدموه يأتون بالحادثة الواحدة فيذكرون منها في كل شهر أشياء، فتأتي متقطعة لا يحصل منها على غرض ولا تفهم إلا بعد إمعان النظر، فجمع الحادثة في موضع واحد، وذكر كل شيء منها في أي شهر أو سنة كانت، فأتت متناسقة متتابعة.